ونظير ذلك: حسبك، في النهي؛ لأنه لما عرض فيه معنى النهي؛ لزم أقوى الوجوه التي يكون عليها الاسم، وهي وجه المبتدأ؛ لأنه معتمد البيان، وله صدر الكلام، فلم يجز أن يتضمن معنى] النهي [إلا في هذا الموضع، كما أنه لما عرض في ليس معنى الاستثناء؛ لزم أقوى الوجوه التي يكون عليها الفعل، وهو الإضمار المستقر فيه؛ لأنه من خاصة الفعل، فجرى على قياس: حسبك، في النهي من هذه الأوجه التي بينا.
وليس، ولا يكون ليسا بأصلٍ في الاستثناء؛ لأنهما لا يلزمانه؛ إذ يجوز أن يبتدأ بهما، فيخرجا عن حد الاستثناء] بالرجوع [إلى أصلهما، ولا يجوز مثل ذلك في: إلا، وإنما دخلهما معنى الاستثناء في الموقع الذي يصلح فيه: إلا؛ لأنهما على معنى النفي، فإذا تقدم إيجابٌ؛ خرج الثاني مما دخل فيه الأول، وإذا تقدم نفيٌ؛ صار بمعنى نفي النفي، وخرج الثاني من النفي الأول إلى الإيجاب.
وتقول: ما أتاني القوم ليس زيداً، وأتوني لا يكون عمراً، على الاستثناء، وهو يشبه الجواب من جهة أن المخاطب بمنزلة من قال: بعضهم زيدٌ؛ لوقوع ذلك في نفسه، فكأن المتكلم قال: ليس بعضهم زيداً.
ونظير امتناع إظهار (بعضهم) من الاستثناء امتناع إظهار الاسم في {وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ} [ص: 3]
للاستغناء اللازم عنه؛ إذ هو على معنى: