الجواب عن الباب الثاني:

الذي يجوز في الاستثناء من موجب النصب؛ لأنه مفعول على معنى المستثنى، إلا أن الفعل لا يدل على أنه مستثنى إلا بوسيطة (إلا)، ولو دل بحقيقة معناه؛ لعمل فيه كما يعمل: استثنيت زيدا، وأستثنى زيدا.

فلا يجوز الاستثناء من موجب إلا بالنصب؛ لأنه لا يصلح فيه تفريغ العامل لما بعد (إلا)، ولا تكون (إلا) فيه إلا مسلطة للعامل بعد تمام الكلام في التقدير.

والفرق بينه وبين حروف الجر - وإن اجتمعا في التسليط - أن حروف الجر عاملة؛ لأنها على معنى الإضافة، والجر في أصل قسمة الموضوع للإضافة، كما أن الرفع للفاعل وما أشبه الفاعل، والنصب للمعول وما أشبه المفعول، فكذلك الجر للمضاف إليه وما أشبهه.

ولا يجوز في الاستثناء من موجب البدل؛ لأنه لو جاز البدل؛ جاز تفريغ العامل لما بعد (إلا)، وليس يجوز ذلك في الإيجاب؛ لأنه يضمن الكلام بمدلول لا يدل عليه، وليس كذلك النفي؛ لأنه يدل - إذا أطلق - على أعم العام.

وليس يعارض هذا أن الإيجاب - إذا أطلق يدل على أخص الخاص؛ [لأن أخص الخاص] لا يستثنى منه شيء، نحو: زيد، وعمرو، مع أن أخص الخاص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015