أمرهم في النفي مجرى الإيجاب، وفرق بينهم وبين (أحد) بعلل ثلاث:

فمنهم من اعتل في ذلك بأن (أحدا) على معنى أعم العام الذي لو ترك؛ لكان النفي يدل عليه في قولك: ما قام إلا زيد، وليس كذلك (القوم)، فألزمه سيبويه أن ينصب {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} [سورة النساء: 66] على هذه العلة التي أوجبت عنده: ما قام إلا زيدا.

والعلة الثانية: أنه يصح أن يبدل الاسم الذي ليس بجميع من الاسم الذي ليس بجمع في (أحد)، ولا يصلح في (القوم)، فألزمه على هذا سيبويه ألا يجوز {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ} [سورة النور: 5]؛ لأن الشهداء جمع هو أعم، والأنفس أخص بمنزلة الواحد من الكل.

والعلة الثالثة: أن النفي في (القوم) على حد الإيجاب، على أصل ما يجب في النفي من قولك: ضربت زيدا، وما ضربت زيدا، فألزمه على هذا ألا يجيز: ما قام أحد كما لا يجوز: قام أحد.

فإن قال قائل: فما علتكم في جواز البدل من (القوم) في: ما قام القوم إلا زيد؛ قيل له: إنه على قياس البدل في جميع الكلام، إذا كان الثاني هو الأول، أو بعض الأول، كقولك: رأيت قومك ناسا منهم، أو كان المعنى مشتملا عليه، فلما كان زيد بعض القوم، والمعنى مشتمل عليه؛ جاز البدل فيه على قياس غيره من سائر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015