الجواب عن الباب الذي يليه:

الذي يجوز في الاستثناء بإلا إجراؤه على وجهين: التسليط، والإلغاء، فالتسليط في الإيجاب كقولك: سار القوم إلا زيدا، والإلغاء في النفي؛ لأنه يصلح فيه تفريغ العامل لما بعد (إلا) كقولك: ما قام إلا زيدا، وما ضربت إلا زيدا، وما مررت إلا بزيد، فالعامل بمنزلته لو لم تكن (إلا) معه، فهي ملغاة من الإعراب، دخولها مخروجها فيه، إلا أنها لمعناها في إخراج بعض من كل على هذه الجهة، فالمسلطة هي الواقعة في الإيجاب، والملغاة هي الواقعة في النفي على تفريغ العامل.

ونظير الملغاة قولهم: لا مرحبا ولا سلام، فهي ملغاة ها هنا من العمل وتسليك العامل، وهي على أصلها في النفي، فكذلك (إلا) هي ملغاة من التسليط، وهي على معناها في الاستثناء.

وإنما كان الإيجاب أحق بالتسليط على العمل؛ لأنه لا يصح فيه أعم العام، وإنما يصح فيه الوسائط، وهي على معان كثيرة، إذا تركت؛ لم يدل الفعل على شيء منها.

فأما النفي فيصح فيه أعم العام، وهو معنى واحد يدل الفعل المنفي عليه، ولا يعارض هذا أخص الخاص في الإيجاب؛ لأن أخص الخاص لا يستثنى منه.

وإنما كانت (إلا) للتعدية في: سار القوم إلا زيدا؛ لأنك لو قلت: سار القوم زيدا؛ لم يكن له معنى، كما لو قلت: مررت بزيدا؛ لم يكن له معنى، فإذا قلت: مررت بزيد؛ صار له معنى، فكذلك إذا قلت: سار القوم إلا زيدا؛ صار له معنى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015