(إن) بمنزلة الفعل، والفعل لا يعمل في الفعل، و (من) من حروف الإضافة، والإضافة لا تكون إلى الفعل في الحقيقة؛ لأن المضاف يذكر للبيان عن المضاف الأول، والفعل للفائدة، ولا إضافة إليه في الحقيقة.
وتقول: لا مرحبا ولا أهلا، ولا كرامة، ولا مسرة، ولا شللا، ولا سقيا ولا رعيا، ولا هنيئا ولا مريئا، فكل هذا فيه معنى الدعاء، إلا أن منه ما هو للمذكور كقولك: لا شللا؛ أي: لا تشل، ومنه ما هو عليه.
والدعاء إنما يكون في الحقيقة بالفعل، فحال الدعاء قد دلت على الفعل، والمصدر قد دل على جنس الفعل، ونصبه يدل على أنه محمول عليه.
وتقول: لا سلام عليك، فإذا نصب المصدر في الدعاء؛ فذاك له بحق الأصل، وإذا رفع؛ فذاك له بحق الشبه لما هو كائن ثابت على طريق التفاؤل، كأن السلام قد ثبت له ولزم، وإن كان في حقيقة المعنى يطلب وقوعه له من الله، جل وعز.
وقال جرير:
(ونبئت وسكنا يسبني ... وعمرو بن عفرى لا سلام على عمرو)
كأنه قال: لا سلم الله عليه