وكذلك يتّصل الإتعاب بالمسير، فلذلك أدخل الفاء.

قال سيبويه: (وإن شئت رفعت هذا كلّه فجعلت الآخر هو الأوّل، فجاز على سعة الكلام. كقول الخنساء:

ترتع ما رتعت حتى إذا ادّكرت … فإنّما هي إقبال وإدبار (?)

على معنى: فإنما هي صاحب إقبال وإدبار؛ فجعل إقبال وإدبار في موضع مقبلة ومدبرة على سعة الكلام، كقولك: نهارك صائم وليلك قائم).

قال أبو سعيد: فجعل النّهار صائما، والنحويّون يقدّرون مثل هذا على تقديرين:

أحدهما: أن يقدّروا مضافا إلى المصدر وهو الاسم الأوّل، ويحذفون كما يحذفون في وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ (?). كأنه قال: صاحب إقبال وصاحب إدبار، وصاحب نهارك صائم، وصاحب ليلك قائم فيحذفون المضاف.

والوجه الثاني: أن يكون المصدر في موضع اسم الفاعل من غير إضافة فيكون إقبال في موضع مقبلة، والنهار

صائم مجازا كما قال عزّ وجلّ وَالنَّهارَ مُبْصِراً (?).

وكما قال:

" أمّا النّهار ففي قيد وسلسلة " (?)

وكما قال تعالى: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ (?).

ومثله قولهم: رجل عدل، وماء غور، ودرهم ضرب، على معنى: رجل عادل، ودرهم مضروب، وماء غائر.

وكان الزجّاج يأبى إلا الوجه الأول.

ومما يقوّي الوجه الثاني أن نقول: رجل ضخم وعبل، وليسا بمصدرين لضخم وعبل، وقد جعلا في موضع اسم الفاعل، ومصدرهما: عبل عبالة، وضخم ضخما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015