والاستفهام كلّها بمعنى السؤال والاستدعاء، وكذلك " أن " لأنه في صلة الطلب بقولك:

نشدتك الله أن تقوم، وكذلك نشدتك الله لا تقم، قال الشاعر في الأمر:

عمرك الله ساعة حدّثينا … ودعينا من ذكر ما يؤذينا (?)

وقال الآخر في الاستفهام:

عمرك الله أما تعرفني … أنا حرّاث المنايا في الفزع (?)

لأنّه في معنى الطلب والمسألة، وعمّرتك الله إلّا فعلت كذا وكذا، كما تقول: بالله إلّا فعلت كذا وكذا.

ومثل ما ينصب ذلك قولك للرجل: سلاما أي: سلاما منك.

وعلى هذا قوله عزّ وجلّ: وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً (?). معناه:

براءة منكم، لأنّ هذه الآية في سورة الفرقان، وهي مكية، والسّلام في سورة النّساء وهي مدنيّة ولم يؤمر المسلمون بمكّة أن يسلموا على المشركين، وإنما هذا على معنى: براءة منكم وتسلّما، لا خير بيننا وبينكم ولا شرّ، ومنه قول أمّية:

سلامك ربّنا في كلّ فجر … بريئا ما تغنّثك الذّموم (?)

أي: تنزيها من السّوء، ومعنى ما تغنّثك أي: تلزّق بك صفة الذم.

وكان أبو ربيعة يقول: إذا لقيت فلانا فقل سلاما، ومعناه: براءة منك.

قال: (فكل هذا ينتصب انتصاب حمدا وشكرا، إلا أن هذا يتصرّف وذاك لا يتصرّف).

قال: (ونظير سبحان الله من المصادر في البناء والمجرى لا في المعنى " غفران " لأن بعض العرب يقول: غفرانك لا كفرانك، يريد: استغفارا لا كفرا).

وجعل فيما لا يتمكن لأنه لا يستعمل على هذا إلّا منصوبا مضافا، وكذلك قوله تعالى: وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً (?).

أي: حرما محرّما، ومعناه: وتقول الملائكة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015