إنهم أرادوا بعد ما كدت أفعلها، والعرب قد تحذف في الوقف الألف التي بعد الهاء في المؤنث وتلقي فتحة الهاء على ما قبلها.
ويروى في مثل هذا: أن بعض العرب قتل رجلا يقال له: مرقمة، وقد سامه وآخر، أن يبتلعا جردان الحمار في خبر طويل، فامتنعا فقتل مرقمة، فقال الآخر: " طاح مرقمة ":
فقال القائل: وأنت إن لم تلقمه، يريد تلقمها، فحذف الألف وألقى حركة الهاء على الميم، وهذا يخرّج في مذهب البصريين على طرح النون الخفيفة، كأنه قال:
تلقمنه، فحذف النون وبقيت الميم مفتوحة كما قال:
اضرب عنك الهموم طارقها … ضربك بالسّوط قونس الفرس (?)
أراد: اضربن عنك الهموم، وحذف النون.
(وذلك قولك: مالك وزيدا وما شأنك وعمرا).
وإنّما نصبوا عمرا لأن عمرا هو شريك الكاف في المعنى ولم يصح العطف عليه، لأن الكاف ضمير مخفوض، ولا يجوز عطف الظّاهر المخفوض على المكنيّ، ولم يصلح أيضا رفعه؛ لأنك لو رفعته كنت عاطفا له على الشأن، وليس عمرو بشريك للشأن ولا أردت أن تجمع بينهما فحمل الكلام على المعنى، فجعل ما شأنك ومالك بمنزلة ما تصنع فصار كأنك قلت ما صنعت وزيدا، (قال الشاعر:
فما لك والتلدّد حول نجد … وقد غصّت تهامة بالرّجال (?)
وقال الآخر:
فما لكم والفرط لا تقربونه … وقد خلته أدنى مردّ لعاقل) (?)