فهذا على معنى " إمّا " ولا يكون على إن الجزاء) كما مرّ في الباب.
قال أبو سعيد: وذلك من قبل أنّا لو جعلنا " إن " ههنا للجزاء لاحتجنا إلى جواب، وذلك أنّ جواب " إن " في ما بعدها، وقد يكون ما قبلها مغنيا عن الجواب إذا لم يدخل عليها شيء من حروف العطف، كقولك: " أكرمك إن جئتني " فإن
أدخلت عليها فاء أو ثمّ بطل أن يكون ما قبلها مغنيا عن الجواب، لا يجوز أن تقول: " أكرمك فإن جئتني " ولا " أكرمك ثم إن جئتني " حتى تأتي بالجواب فتقول: " أكرمك فإن جئتني زدت في الإكرام " فلذلك بطل أن يكون " فإن جزعا " على معنى المجازاة وصارت بمعنى " ألّا " لأنّها تحسن في هذا الموضع، وحذف " ما " للضرورة قال الله عزّ وجلّ: حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً (?). فلم يأت بجواب بعد " إما ".
(ولو قال: " فإن جزع وإن إجمال صبر " كان جائزا كأنك قلت: أمري جزع وإما إجمال صبر ولا يجوز طرح " ما " من " إمّا " إلّا في الشعر قال النمر بن تولب: (?)
سقته الرّواعد من صيّف … وإن من خريف فلن يعدما (?)
فإنما يريد: وإمّا من خريف).
وقد أنكر الأصمعيّ (?) هذا، وزعم أنّ " إن " في بيت النمر بن تولب هي للجزاء، وإنما أراد وإن سقته من خريف فلن يعدم الرّيّ، ولم يحتج إلى ذكر سقته لذكره في أول البيت وإنّما يصف وعلا، وابتداؤه:
فلو كان من حتفه ناجيا … لكان هو الصدع الأعصما (?)
يصف أنه وإن كان في الجبل لا يعدم معاشا به.
والوجه قول سيبويه في بيت النمر، وذلك أنه لا ذكر للرّيّ، وإنما المعنى: سقته