وحاتم الطائي وهّاب المئي (?)
فقد اختلف النحويون في ذلك، فقال بعضهم: أراد جمع المائة على الجمع الذي ليس بينه وبين واحده إلا الهاء، كقولك: " تمرة وتمر "، فكأنه قال: " مائة " و " مئ " مثل:
" مع " ثم أطلق القافية للجر.
وقال بعضهم: " أراد المئيّ " وكان أصله المئيّ على مثال " فعيل "؛ لأن الذاهب من المائة إما ياء وإما واو، فإن كانت ياء فهي: " مئيّ " وإن كانت واوا انقلبت أيضا ياء، وصار لفظها واحدا ثم تكسر الميم، وذلك أن بني تميم يكسرون الفاء من فعيل إذا كانت العين أحد الحروف الستة، وهي حروف الحلق، كقولك: " شعير " و " رحيم " فيقولون في ذلك: " مئيّ " وأصله: مئيّ.
ومما جاء على هذا المثال من الجمع " معيز " جمع معز، و " كليب وعبيد "، وغير ذلك مما جاء على فعيل، فعلى هذا
القول مئيّ مشددة، ويجوز تخفيفها في القافية المقيدة، كما ينشد بعضهم قول طرفة:
أصحوت اليوم أم شاقتك هر … ومن الحبّ جنون مستعر (?)
وقال بعض النحويين: إنما هو " مئين " فاضطر إلى حذف النون كما قال:
قواطنا مكة من ورق الحمى (?)
ويجوز أن يكون " المئي " على فعول مثل عصي وقسيّ ثم خفف، كما قال:
تعال نصنع رجلا مثل عدىّ … نصنعه من الرّقاع والعصىّ
أما قول حسان:
وذلك أن ألفكم قليل … بواحدنا أجل أيضا ومين (?)
أراد: ومئين، فحذف الهمزة ألبتة كما قالت:
ها من أحسّ لي أخوين … كالبدرين أم من راهما
أرادت رآهما، فحذفت الهمزة ألبتة، فاعرفه إن شاء الله تعالى.