وقوله: " وقد جاء من الفعل ما قد أنفذ إلى مفعول " أراد " تفقأت وامتلأت " ونحوهما لأنهما أفعال قد أنفذت إلى ما بعدها من التمييز، وهو " شحما وماء وعرقا "، وأشباه ذلك.

ومعنى " أنفذ " أي أعمل فيه.

" ولم يقو قوّة غيره مما تعدى إلى مفعول " يعني: ولم يقو قوة " ضربت زيدا " الذي قد تعدى إلى مفعول؛ لأن " ضربت " ونحوه يتعدى إلى المعارف والنكرات، وتقدّم مفعولاتها وتؤخر، وليس ذلك في: " تفقأت شحما " وبابه.

قال سيبويه: " ولا تقول: امتلأته ولا تفقأته، ولا يعمل في غيره من المعارف ".

قال أبو سعيد: وإنما لم يجز أن تقول: تفقأته؛ لأن الضمير معرفة، وقد قدمنا أنه لا يعمل في الضمائر ولا في غيرها من المعارف، وهي ما فيه الألف واللام، أو كان مضافا إلى معرفة.

قال سيبويه: " ولا يقدّم المفعول فيه فتقول: ماء امتلأت "

وقد تقدم تفسير هذا، وما فيه من الاختلاف، ثم قال سيبويه مشيرا إلى: " تفقأت شحما "، و " تصببت عرقا ":

" وذلك لأنه فعل لا يتعدى إلى مفعول وإنما هو بمنزلة الانفعال "

قال أبو سعيد: اعلم أن في أوزان الأفعال ما يكون متعديا وغير متعدّ، ومنه ما لا يكون متعديا ألبتّة، على معان مختلفة، فمن ذلك أن " فعلت " يتعدى كل ما كان على وزنه، وفعلت لا يتعدى ما كان على وزنه، " وانفعلت " غير متعدّ أيضا نحو انطلق وانقطع وإنما لم يتعدّ لأنه وضع في أصله لقبول المفعول تأثير الفاعل، كقولك: كسرته فانكسر، وقطعته فانقطع، وجررته فانجر ونحو ذلك.

وربما استعمل للفاعل المبتدئ بالفعل الذي لا يتعداه، كقولهم: " انطلق زيد " كما تقول: " ذهب وعدا "، ولم يجئ متعدّيا في شيء من كلامهم؛ إذ كان الأصل ما ذكرناه، وقد يكون من الأمثلة ما يكون مجراه مجرى الانفعال في حال، ومجرى غيره في أخرى،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015