ضربته "، و " زيد ضربت أباه "، و " زيد مررت به "، ولو أعدت لفظه بعينه في موضع كنايته لجاز، ولم يكن وجه الكلام كقولك: " زيد ضربت زيدا "، و " زيد ضرب أبا زيد "، و " زيد مررت بزيد " على معنى: زيد ضربته، وضربت أباه، ومررت به. وإذا أعدت ذكره في غير تلك الجملة، جاز إعادة ظاهره وحسن، كقولك: " مررت بزيد " و " زيد رجل صالح ". قال الله تعالى: وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ (?) فأعاد الظاهر؛ لأن قوله: (الله أعلم) جملة ابتداء وخبر، وقد مرت الجملة الأولى. فإذا قلت: " ما زيد ذاهبا ولا محسن زيد " جاز الرفع والنصب. فإذا نصبت، قلت: " ولا محسنا زيد "، جعلت " زيدا " هو الظاهر بمنزلة كنايته، فكأنك قلت: " ما زيد ذاهبا ولا محسنا هو "، كما تقول: " ولا محسنا أبوه "، فتعطف " محسنا " على " ذاهبا "، وترفع " زيدا " بفعله، وهو محسن. وإذا رفعت، جعلت " زيدا " كالأجنبي ورفعته بالابتداء، وجعلت " محسنا " خبرا مقدما. واختار سيبويه الرفع؛ لأن العرب لا تعيد لفظ الظاهر إلا أن تكون الجملة الأولى غير الجملة الثانية، وتكون الجملة الثانية مستأنفة، كما قلنا في قوله: (... رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ ...) فإذا رفعته فهو مطابق لما ذكرناه وخرج عن باب العيب؛ لأنك جعلته جملة مستأنفة.

واستشهد سيبويه لجواز النصب، وجعل الظاهر بمنزلة المضمر بقول: سوادة بن عدي:

لا أرى الموت يسبق الموت شيء … نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا (?)

وبقول الجعدي:

إذا الوحش ضمّ الوحش في ظللاتها … سواقط من حرّ وقد كان أظهرا (?)

فأعاد الإظهار.

وذلك أن قوله: لا أرى الموت يسبق الموت شيء. الموت الأول هو المفعول الأول لأرى، ويسبق الموت شيء في موضع المفعول الثاني، وهما جملة واحدة، وكان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015