ومن ذلك أنهم قد يجرون هاء التأنيث في الوصل مجراها في الوقف، فلا يقلبونها تاء، ولا سبيل إلى هذا إلا بالتسكين؛ لأنهم متى حرّكوا وجب القلب قال الشاعر:
لمّا رأى أن لادعه ولا شبع … مال إلى أرطاة حقف فاضّطجع (?)
وقال آخر:
لست إذا لزعبله إن لم أغيّر … بكلتي إن لم أساو بالطّول
ومن الحذف: إقامتهم الصفة مقام الموصوف في الشّعر في الموضع الذي يقبح في الكلام مثله.
قال الشاعر:
فيا الغلامان اللّذان فرّا … إياكما أن تكسباني شرّا
أراد: فيا أيّها الغلامان، فأقام: " الغلامان " مقام " أيّ " وقبح هذا؛ لأنّ حرف النداء لا يليه ما فيه الألف واللام، لأنه يعرّف المنادى إذا قصد، والألف واللام يعرّفانه؛ فلا يجتمع تعريفان في اسم واحد. ومثله:
من أجلك يا التي تيّمت قلبي … وأنت بخيلة بالودّ عنّي
يريد: " يا أيتها التي ".
وأما قوله:
إني إذا ما حدث ألمّا … دعوت يا اللهم يا اللهمّا (?)
فليس هذا من ضرورته، يعني: إدخال " يا " على اسم الله تعالى، وإنما الضرورة الجمع بين " يا " وبين " الميم " في هذا الاسم، وذلك أن العرب لا تنادي اسما فيه الألف واللام إلا اسم الله تعالى، فيقولون: " يا الله اغفر لي " ويبدلون الميم في آخره من حرف النداء عوضا، فيقولون: " اللهمّ اغفر لنا "، فإذا اضطرّ الشاعر ردّ الحرف المحذوف، مع وجود عوضه. وقد مر نحو من هذا.
ومن ذلك: إقامتهم الفعل في موضع الاسم، إذا كان الفعل نعتا؛ كما قال النابغة: