لا يحسن فيها هذا التقدير؛ من ذلك أنا نقول: اللهمّ أمّنا بخير، ولا نقول: يا الله أمّنا بخير، ونقول في الدعاء على غيرنا: اللهم عذّب الكفّار ودمّر عليهم، ولا يحسن في مبدأ مثل هذا الدعاء: يا الله أمنّا بخير عذّب الكفّار.

واحتج الفراء في إبطال من يقول: إن الميم عوض من " يا " بأن قال: قد يجيء في الشعر " يا " مع " اللهمّ " كقول الشاعر:

وما عليك أن تقولي كلّما … سبّحت أو صلّيت يا اللهمّا

اردد علينا شيخنا مسلّما (?)

وهذا عند البصريين في ضرورة الشعر جائز أن يعوّضوا من حروف، ثم يردونه مع بقاء العوض، فمن ذلك قولهم: يا رجل، ويا غلامان، فتكون " يا " عوضا من الألف واللام، ويتعرّف المنادى بيا، كما يتعرف بالألف واللام، ثم يضطر الشاعر فيجمع بينهما، فمن ذلك قوله:

فيا الغلامان اللذان فرّا … إيّاكما أن تكسباني شرّا (?)

وقوله:

من أجلك يا التي تيمت قلبي … وأنت بخيلة بالودّ عنّي (?)

ومن ذلك أنهم جعلوا الميم في فم بدلا من الواو، ثم يضطر الشاعر فيردّ الواو مع بقاء الميم. قال الفرزدق:

هما نفثا في فيّ من فمويهما … على النّابح العاوي أشدّ رجام (?)

هذا باب الاستقامة من الكلام والإحالة

قال سيبويه: " فمنه مستقيم حسن، ومحال، ومستقيم كذب، ومستقيم قبيح، وما هو محال كذب ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015