ومما يدلك على أن ألف الاستفهام ليست بمنزلة " هل " أنك تقول للرجل:
" اطربا! " وأنت تعلم أنه قد طرب لتوبخه أو تقرره.
ولا تقول هذا بعد " هل ".
وإن شئت قلت: هل تأتيني أم تحدثني؟ وهل عندك بر أم شعير؟ على كلامين.
وكذلك سائر حروف الاستفهام التي ذكرنا وعلى هذا قالوا: هل تأتينا أم هل تحدثنا؟
قال الججاف بن حكيم:
أبا مالك هل لمتني مذ حضضتني … على القتل أو هل لامني لك لائم (?)
وكذلك سمعناه من العرب.
فأما الذين قالوا: أم هل لامني لك لائم: فإنما قالوا على أنه أدركه الظن بعد ما مضى صدر حديثه.
وأما الذين قالوا: " أو " هل فإنهم جعلوه كلاما واحدا.
وتقول: ما أدري هل تأتينا أو تحدثنا؟
وليت شعري هل تأتينا أو تحدثنا؟
فهل ههنا بمنزلتها في الاستفهام إذا قلت هل تأتينا؟
وإنما دخلت " هل " هاهنا لأنك إنما تقول: أعلمني كما أردت ذلك حين قلت:
هل تأتينا أو تحدثنا؟ فجرى هذا مجرى قوله عز وجل: إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ؟ (?).
وقال زهير:
ألا ليت شعري هل يرى النّاس ما أرى … من الأمر أو يبدوا لهم ما بدا ليا (?)