شرح كتاب سيبويه (صفحة 1249)

الجحد، وإذا استثنينا صار الجحد إيجابا، فلذلك لم يجز الاستثناء منه؛ و (لا تنفك) بمعنى:

لا تزال.

قال أبو سعيد: ولقول ذي الرمة وجهان صحيحان:

أحدهما: أن يكون (تنفك) بغير معنى: تزال، ويكون بمعنى: انفك الشيء من الشيء إذا انفصل منه، كما يقال: فككت الغلّ عنه فانفك، وفككت زيدا مما وقع فيه فانفك منه.

ويجوز دخول الاستثناء في هذا الوجه، تقول: ما انفك زيد إلا بعد شدّة، فيكون التقدير: لا ينفك من الشدة والسير إلا مناخة على الخسف؛ كما تقول:

ما انفصل زيد من الموضع إلا مجهودا.

والوجه الثاني: أن يكون (على الخسف) خبر (تنفك)، و (إلا مناخة) استثناء مقدم.

فكأنا قلنا: لا تنفك مجهودة، كما تقول: لا تزال مجهودة إلا في حال إناختها، فإنها تستريح إذا أنيخت.

وقوله:

أو نرمى بها بلدا قفرا (?)

فيه وجهان:

الأول: أن يكون معطوفا على خبر (تنفك) وهو (على الخسف)، كأنك قلت: لا تزال على الخسف، ولا نزال نرمي بها

بلدا قفرا؛ ويجوز أن يكون على الابتداء، أو نحن نرمي بها بلدا قفرا.

ويجوز الرفع في:

كسرت كعوبها أو تستقيما (?)

فيقال: أو تستقيم، في غير هذه القصيدة، لأن (كسرت) في موضع رفع لأنه جواب (إذا)، وجوابها بالفعل المستقبل رفع.

وأما قول الله- تبارك وتعالى-: وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا (?). فقوله (يرسل) لا يجوز أن يكون معطوفا على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015