شرح كتاب سيبويه (صفحة 1230)

وتقول: ألست قد أتيتنا فتحدثنا، إذا جعلته جوابا ولم تجعل الحديث وقع إلا بالإتيان؛ وإن أردت: فحدثتنا، رفعت.

وتقول: كأنك لم تأتنا فتحدثنا؛ وإن حملته على الأول جزمته.

وقال رجل من بني دارم:

كأنّك لم تذبح لأهلك نعجة … فيصبح ملقى بالفناء إهابها (?)

وتقول: ودّ لو تأتيه فتحدثه. والرفع جيد على معنى التمني؛ ومثله قول الله- عز وجل-: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (?). وزعم هارون أنها في بعض المصاحف:

ودوا لو تدهن فيدهنوا.

وتقول: حسبته شتمني فأثب عليه، إذا لم يكن الوثوب واقعا، ومعناه: أن لو شتمني لو ثبت عليه. وإن كان الوثوب قد وقع فليس إلا الرفع، لأن هذا بمنزلة قوله: ألست قد فعلت فأفعل.

واعلم أنك إن شئت قلت: ائتني فأحدثك، ترفع.

وزعم الخليل: أنك لم ترد أن تجعل الإتيان سببا لحديث، ولكنك كأنك قلت:

ائتني فأنا ممن يحدثك البتة، جئت أو لم تجئ.

قال النابغة الذبياني:

ولا زال قبر بين تبنى وجاسم … عليه من الوسميّ جود ووابل

فينبت حوزانا وعوفا منوّرا … سأتبعه من خير ما قال قائل (?)

وذلك أنه لم يرد أن يجعل النبات جوابا لقوله: (ولا زال)، ولا أن يكون متعلقا به، ولكنه دعا ثم أخبر بقصة السحاب، كأنه قال: فذاك ينبت حوزانا ولو نصب هذا البيت- قال الخليل- لجاز، ولكنا قبلناه رفعا وقال:

ألم تسأل الرّبع القواء فينطق … وهل تخبرنك اليوم بيداء سملق (?)

لم يجعل الأول سببا للآخر، ولكنه يجعله ينطق على كل حال، كأنه قال: فهو مما ينطق، كما قال: ائتني فأحدثك، فجعل نفسه مما يحدثه على كل حال. وزعم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015