مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً (?) جمع خالدين على المعنى، ثم قال: قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً (?) فردّه إلى اللفظ.
فيكون ذا بمنزلة الذي، ويكون ما حرف الاستفهام وإجرائهم إيّاه مع ما بمنزلة اسم واحد.
قال سيبويه: " أمّا إجراؤهم ذا بمنزلة الّذي فهو قولهم: ماذا رأيت؟ فتقول:
متاع حسن، قال لبيد:
ألا تسألان المرء ماذا يحاول … أنحب فيقضى أم ضلال وباطل (?)
وأمّا إجراؤهم إيّاه مع ما بمنزلة اسم واحد فهو قولك: ماذا رأيت؟ فتقول:
خيرا؛ كأنك قلت: ما رأيت؟ فقال: خيرا.
ومثل ذلك قولهم: ماذا ترى؟ فتقول: خيرا. وقال تعالى: ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً (?). فلو كان ذا لغوا لما قالت العرب: عمّا ذا تسأل؟ ولقالوا: عمّ ذا تسأل؟ ولكنّهم جعلوا ما وذا اسما واحدا، كما جعلوا ما وإنّ حرفا واحدا حين قالوا:
إنّما، ومثل ذلك كأنّما، وحيثما في الجزاء.
ولو كان ذا بمنزلة الّذي في هذا الموضع البتّة لكان الوجه في: ماذا رأيت إذا أراد الجواب أن يقول: خير.
وقال الشاعر، وسمعنا بعض العرب يقوله:
دعي ماذا علمت سأتّقيه … ولكن بالمغيّب نبّئيني (?)
ف (الّذي) لا يجوز في هذا الموضع؛ لأنّ ما لا يحسن أن تلغيها.
وقد يجوز أن يقول الرجل: ماذا رأيت؟ فيقول: خير، إذا جعل ما وذا اسما واحدا كأنه قال: ما رأيت؟ فقال: خير، ولم يجبه على: رأيت خيرا.