قال أبو سعيد: ذكرت مسائل سيبويه في الباب بألفاظ فيها بسط وتقريب، وأقمتها مقام الشّرح لها.
قال: (وجميع ما جاز حسن في أيهم هاهنا جاز في: أيّ من إن يأته من إن يأتنا نعطه يعطه؛ لأنّه بمنزلة: أيهم؟).
قال: (وسألت الخليل عن أيّتهنّ فلانة؛ وأيّهنّ فلانة، فقال: إذا قلت: أيّ فهو بمنزلة (كلّ) لأنّ (كلّ) مذكّر يقع للمؤنّث والمذكّر، وبمنزلة (بعض)، وإذا قلت:
أيتهنّ فإنّك أردت أن تؤنّث الاسم، كما أنّ بعض العرب- فيما زعم الخليل- تقول:
كلّتهنّ).
قال أبو سعيد: الاسم المذكر الذي يقع على المذكر والمؤنث بلفظ واحد وربّما أدخلوا عليه علامة التأنيث إذا أوقعوه على المؤنث توكيدا لتأنيثها، فمن ذلك ما ذكره الخليل من قولهم: كلّتهن وأيتهنّ، والباب فيه: كلّهنّ وأيّهنّ. ومن ذلك قولهم: زيد خير الرجال، وعمرو شرّ الرجال، وهند خير النساء، ودعد شرّ النساء، وربما قالوا خيرة الناس وشرّة الناس، والباب في ذلك التذكير.
قال حسان بن ثابت:
لعن الله شرّة الدور كوثى … ورماها بالفقر والإمعار
لست أعني كوثى العراق ولكن … شرّة الدور دار عبد الدار (?)
وقال منقذ بن الطّمّاح:
وأمّهم خيرة النساء على … ما كان منها الدّحاق والإثم (?)
ومما يشبه هذا ضمير الأمر والشأن في المذكّر والمؤنث، كقولك: إنّه زيد قائم، وإنّه هند قائمة، وإنّه خرج زيد، وإنّه خرجت هند، ثم يؤنّثون في المؤنث؛ فيقولون: إنها هند قائمة، وإنّها خرجت هند، قال الله عز وجل: فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ (?)، ولا يقال إنّها زيد قائم، ولا إنّها خرج زيد، على معنى إضمار القصة.
قال سيبويه: (وذلك أنّ رجلا لو قال: رأيت رجلا، قلت: أيّا؟ فإن قال: رأيت