شرح كتاب سيبويه (صفحة 1080)

وإنما منع الأب أن يكون بدلا من القوم أنك لو قلت: (أتاني إلا أبوك) كان محالا.

وإنما جاز: ما أتاني القوم إلا أبوك؛ لأنه يحسن لك أن تقول: ما أتاني إلا أبوك.

فالمبدل إنما يجيء أبدا كأنه لم يذكر قبله شيء؛ لأنك تخلى له الفعل وتجعله مكان الأول.

فإذا قلت: (ما أتاني القوم إلا أبوك) فكأنك قلت: ما أتاني إلا أبوك.

وتقول: ما فيهم أحد إلا قد قال ذاك إلا زيدا.

كأنه قال: كلهم قد قالوا ذاك إلا زيدا.

قال أبو سعيد: قد فسرنا جميع ما في هذا الباب فيما تقدم بما أغني عن إعادته.

هذا باب ما يكون فيه (إلا) وما بعده وصفا بمنزلة (مثل) و (غير)

وذلك قولك لو كان معنا رجل إلا زيد لغلبنا.

والدليل على أنه وصف: أنك لو قلت: لو كان معنا إلا زيد لهلكنا، وأنت تريد الاستثناء لكنت قد أحلت.

ونظير ذلك قوله عز وجل: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا [الأنبياء: 22].

ونظير ذلك من الشعر قوله وهو ذو الرمة:

أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة … قليل بها الأصوات إلا بغامها (?)

كأنه قال: قليل بها الأصوات غير بغامها. إذا كانت (غير) غير استثناء.

ومثل ذلك قوله تعالى: لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ (?)

وقوله تعالى: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ (?) ومثل ذلك من الشعر قول لبيد بن ربيعة:

وإذا أقرضت قرضا فاجزه … إنما يجزى الفتى غير الجمل (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015