فإذا قال: " لا غلام " فإنما هو جواب لقوله: هل من غلام؟ وعملت " لا " فيما بعدها. وإن كانت في موضع ابتداء كما عملت " من " في " الغلام " وإن كانت في موضع ابتداء فما لم يتغير عن حاله قبل أن تدخل " لا " قول الله تعالى: فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (?) وقال الراعي:
وما صدمتك حتى قلت معلنة … لا ناقة لي في هذا ولا جمل (?)
وقد جعلت- وليس ذلك بالأكثر- بمنزلة " ليس ".
وإن جعلتها بمنزلة " ليس " كانت حالها كحال " لا " في أنها في موضع ابتداء وأنها لا تعمل في معرفة.
فمن ذلك قول سعد بن مالك:
من صدّ عن نيرانها … فأنا ابن قيس لا براح (?)
واعلم أن المعارف لا تجري مجرى النكرة في هذا الباب لأن " لا " لا تعمل في معرفة أبدا.
فأما قول الشاعر:
لا هيثم الليلة للمطي (?)
فإنه جعله نكرة كأنه قال: لا هيثم من الهيثميين. ومثل ذلك: لا بصرة لكم.
وقال ابن الزبير الأسدي:
أرى الحاجات عند أبي خبيب … نكدن ولا أمية بالبلاد (?)
قلت: فكيف يكون هذا وإنما أراد عليّا عليه السّلام؟
فقال لأنه لا يجوز لك أن تعمل " لا " إلا في نكرة.