يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: "بابٌ: كيف الأمر" يعني كيف يكون الحال والشأن إذا لم توجد جماعة؟ إذا لم تكن جماعة مجتمعون على إمام كلمتهم واحدة؟ ماذا نصنع؟ الجواب في الحديث: كيف الأمر إذا لم تكن جماعة؟ البخاري -رحمه الله تعالى- يتفنن في التراجم، فتجده أحياناً يحذف جواب الشرط: "بابٌ: إذا التقى المسلمان بسيفيهما"، اكتفاءً بما يورده من الخبر الذي فيه الجواب، وأحياناً يورد الترجمة بالاستفهام "كيف الأمر إذا لم تكن جماعة؟ "، إذا كان المسألة في حكم "بابٌ: ما حكم كذا" أو هل يجوز كذا؟ إذا أوردها فالغالب أنه حيثُ لم تكن الدلالة صريحة من الخبر على الترجمة، فعدم صراحتها أورد عنده هذا التردد، لكن هنا "كيف الأمر إذا لم تكن جماعة؟ " هذا ليس فيه تردد، فالنص صريح في الجواب.
"حدثنا محمد بن المثنى -أبو موسى العنزي معروف- قال: حدثنا الوليد بن مسلم -عالم الشام- قال: حدثنا ابن جابر -عبد الرحمن بن زيد بن جابر- قال: حدثني بسر بن عبيد الله الحضرمي أنه سمع أبا إدريس الخولاني -أبا إدريس عائذ الله بن عبد الله من العباد المعروفين- أنه سمع حذيفة بن اليمان"، أبو إدريس هذا يلتبس كثيراً مع أبي مسلم الخولاني، وكلاهما من خولان، وكلاهما من أهل الزهد والورع والعبادة، هذا أبو إدريس عائذ الله بن عبد الله وأبو مسلم اسمه: عبد الله بن ثوب، "أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول: كان الناس يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخير وكنت أسأله عن الشر"، الخير إذا أقبل وصل، لكن الشر .. ، الخير إذا أقبل وصل، واستفيد منه، لكن الشر إذا أقبل كيف يتقى؟ كيف يتقى؟