المقصود أن عكرمة خرج له البخاري في الأصول معتمداً عليه، وإن مسَّ بضربٍ من التجريح من قبل غيره، واتهم برأي الخوارج، لكنه لم يثبت عنه، لم يثبت عنه، الآن الخبر الذي يرويه عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض)) هل نقول: إن عكرمة متهم، وهذا يؤيد تلك البدعة؟ لأن الخبر: ((لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم .. )) الذي يكفر القاتل من هو؟ من الذي يكفر القاتل؟ الخوارج إذا لم يستحل، هو مذهب الخوارج، فهل نتهم عكرمة لأنه روى هذا الحديث ونقول: إن هذا الحديث يؤيد بدعته؟ نقول: نسبة البدعة إليه لم تثبت، نسبة البدعة إليه لم تثبت، بل فندها وردها أهل العلم، الحافظ الذهبي في السير، والحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري، تكلموا بكلامٍ طويل حوله.
ثم قال: "حدثنا سليمان بن حرب -الأزدي البصري- قال: حدثنا شعبة عن علي بن مدرك –النخعي- قال: سمعت أبا زُرعة –هرم- ابن عمرو بن جرير -بن عبد الله البجلي- عن جده جرير -بن عبد الله- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع -عند جمرة العقبة-: ((استنصت الناس)) " استنصت الناس: يعني مرهم بالسكوت والإنصات، "ثم قال -بعد أن أنصتوا وسكتوا -عليه الصلاة والسلام-: ((لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض)) "، وهذا تقدم الحديث فيه، وهو أن القتل هو من شأن الكفار، من شأن الكفار، فلا ترجعوا بعدي كالكفار يضرب بعضكم رقاب بعض، أو كفاراً إن استحللتم ذلك، كما هو مقرر عند أهل العلم.
بابٌ: تكون فتنة القاعد فيها خيرٌ من القائم.
حدثنا محمد بن عبيد الله قال: حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال إبراهيم: وحدثني صالح بن كيسان عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، من تشرف لها تستشرفه، فمن وجد فيها ملجأً أو معاذاً فليعذ به)).