"فكان كذلك" كان الأمر كذلك، بلّغ الصحابي التابعي، وقد يكون في التابعين وهذا مثل ما ذكرنا نادراً الواحد أو الاثنين من هو أحفظ من الواحد أو الاثنين من الصحابة، "فكان كذلك، قال: ((لا ترجعوا بعدي كفاراً، يضرب بعضكم رقاب بعض)) " قال ابن أبي بكرة: "فلما كان يوم حُرِّق ابن الحضرمي" عبد الله بن عمرو "حين حرَّقه جارية بن قدامة" بن مالك بن زهير السعدي، السبب أن ابن الحضرمي وجهه معاوية -رضي الله عنه- يستنفر أهل البصرة إلى قتال علي -رضي الله عنه-، فوجه عليٌ -رضوان الله عليه- جارية ابن قدامة إلى ابن الحضرمي، فتحصن ابن الحضرمي في دار، في دار فحرَّق جاريةُ الدار بمن فيها، وهذه آثار الفتن، الفتن إذا قامت لا بد أن يوجد مثل هذه التصرفات، الفتن نسأل الله -جل وعلا- أن يقي المسلمين من شرها إذا قامت لا بد أن توجد مثل هذه التصرفات، يحصل أمور لا تخطر على البال، حتى على بال من فعلها، تطيش العقول في أوقات الفتن، يعني أمير المؤمنين عثمان -رضي الله عنه- يقتل في المدينة بين الصحابة، وقد قدم ما قدم للإسلام والمسلمين، وشهد له النبي -عليه الصلاة والسلام- بالجنة، كل هذا سببه الفتن، قد يقول قائل: أليس في المسلمين قوة ومنعة أن يمنعوا خلفيتهم من أن يقتل؟ فيهم قوة ومنعة، لكن إذا حصلت هذه الأمور فتلافيها صعبٌ جداً، فعلى كل إنسان أن يساهم بقدرِ ما أُوتي في دفع الفتن وضرها وشرها؛ لأنها إذا بدأت ما انتهت، تأتي على الأخضر على الرطب واليابس، شخص يحرق بدار ومعه ما يقرب من سبعين، شخص من أبناء الصحابة، بل قال بعضهم ممن له صحبة يودع في جوف حمار ويحرق في جوف الحمار! هذا سببه إيش؟ سببه الفتن، كيف يتصرف الناس؟ إذا هاجت الفتن طاشت العقول، وصعبت الحلول، فإذا كان هذا وقع في عصر الصحابة فما شأنكم فيما يقع فيما بعدهم حينما يرفع العلم، ويكثر الجهل، ويقل العمل؟ هذا والصحابة متوافرون تحصل مثل هذه الأمور، إذاً لا بد من أن يقضى على الفتن في مهدها، والله المستعان؛ لئلا تستشري.