"قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال: ((أليس بيوم النحر؟ )) قلنا: بلى يا رسول الله، قال: ((أي بلد هذا؟ )) " وجاء في بعض الروايات: "قلنا: الله ورسوله أعلم"، قال: ((أليست بالبلدة؟ )) {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ} [(91) سورة النمل] البلدة: اسمٌ من أسماء مكة، كما أن الدار اسمٌ من أسماء المدينة، {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ} [(9) سورة الحشر] "قلنا: بلى يا رسول الله، قال: ((فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم)) " جمع عرض، وهو موضع المدح والذم، ((وأبشاركم)) جلودكم، يعني الاعتداء على الإنسان بما يزهق روحه، ويريق دمه، وما يخدش جلده، يعني سواءً كان الاعتداء كبير أو صغير، ذليل أو حقير، ولذا قال: ((وأبشاركم)) يعني مجرد خدش البشرة، يعني لو تمر من عند واحد أو شيء بظفرك تخدش بشرته أو بأي شيء، بآلةٍ هذا حرام، وتقدم أن من يأتي بالسهام لا بد أن يأخذ برؤوسها إذا مر بمجامع الناس؛ لئلا تصيب أحداً بأذى.
((إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام)) هذه من الضروريات التي جاء الدين بحفظها، فالدماء شأنها عظيم، والأموال أيضاً لا يجوز الاعتداء عليها من قبل غير مالكها، ولا من مالكها في غير وجوهها، فقد جاء النهي عن إضاعة المال.
((وأعراضكم)) العرض الذي هو موضع المدح والذم لا يجوز النيل منه، ((وأبشاركم عليكم حرام)) وكل هذا إذا كان بغير حق، أما إذا كان بحق فالشرع جاء لإقرار الحق، فالقاتل يقتل، ما يقتل الإنسان ويقول: ((إن دمائكم وأموالكم)) الغاصب يعاقب ويؤخذ منه ما اغتصب، وقد يعزر بأخذ شيء من ماله، مانع الزكاة قد يعزر بأخذ قدرٍ زائد، ((فإنا آخذوها، وشطر ماله)) المقصود أن حفظ هذه الأمور من الدماء والأموال والأعراض إذا كان ذلك بغير حق، الأعراض قد يكون النيل منها بحق إذا كان الهدف منه النصح في الاستشارة مثلاً، في الجرح والتعديل بالنسبة للرواة، وهذا وإن كان على خلاف الأصل إلا أنه محددٌ بقدر الحاجة، لا يجوز النيل من عرض مسلم إلا لحاجة، وأن يكون بقدر الحاجة، إذا كانت الحاجة تتأدى بكلمة لا يجوز الزيادة عليها.