"إن المنافقين اليوم شرٌ منهم على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-" كانوا يسرون يبطنون الكفر، فلا يتعدى شرهم إلى غيرهم، واليوم يجهرون، إذا جهر المنافق وش صار؟ إيش يصير؟ كافر، أيهما أعظم شراً المنافق وإلا الكافر؟ أيهم أعظم شر؟ المنافق شره على نفسه، نعم ضرره على نفسه أعظم، ولذا استحق أن يكون في الدرك الأسفل من النار، لكن الشر إذا ظهر وأعلن تعدى ضرره إلى الآخرين، فيجهرون بنفاقهم ويطعنون في الدين وأهله علناً، ولا شك أن هذا نتيجة ضعف الحق وأهل الحق، فاليوم يجهرون كانوا يسرون واليوم يجهرون، كانوا يسرون لقوة الحق، وضعف أهل النفاق في مقابل أهل الحق، واليوم لما ضعف الحق صاروا يجهرون به فيطعنون في الدين وأهله علناً، هذا كلامُ من؟ كلام حذيفة -رضي الله عنه-، وما أشبه الليلة بالبارحة، يطعنون في الدين وأهله علناً، وذلك لضعف الحق وأهله، وهذا قاله حذيفة متى؟ في القرن الأول، يعني فلا نستغرب أن يوجد مثل هؤلاء بين أظهرنا، لا نستغرب بعد هذه القرون، بعد أن طال العهد بالناس واندرس كثيرٌ من العلم، اندرست كثيرٌ من معالم الدين، وصار أمور الناس كلها موالاتهم ومعاداتهم ومؤاخاتهم كلها على أمر الدنيا، وإذا كان هذا ابن عباس يقوله في عصره في القرن الأول، ولقد صارت عامة مؤاخاة الناس على إيش؟ على أمر الدنيا، عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا في القرن الأول، فكيف بوقتنا؟ والله المستعان.
هؤلاء الذين كانوا يسرون ويبطنون كفرهم صاروا يعلنونه ويظهرونه، ويخرجون على الأئمة، ومطابقة الحديث للترجمة من حيث أن جهرهم بالنفاق، وشهر السلاح على الناس هو القول بخلاف ما بذلوه من الطاعة، بذلوا الطاعة بالبيعة، فخروجهم على الأئمة، وشهرهم السلاح على وجوه الناس هذا خلاف ما بذلوه علناً، حتى حين بايعوا من بايعوا أولاً وخرجوا عليه آخراً، قاله ابن بطال.