قال إسرائيل: "حدثنا الحسن البصري قال: لما سار الحسن بن علي -رضي الله عنهما- إلى معاوية - ابن أبي سفيان- بالكتائب" جمع كتيبة، طائفة من الجيش، وكان ذلك بعد قتل علي -رضي الله عنه-، "قال عمرو بن العاص لمعاوية: أرى كتيبة لا تولي" يعني لا تدبر، بل تثبت عند القتال "حتى تدبر أخراها" وهذا يختلف الشراح في معناه: حتى تدبر أخراها يعني خصومها، أو أنه يدبر آخر فرد منها، أو آخر مجموعة منها التي لا تطيق الثبات، وأما البقية يثبتون حتى يقتلوا، "قال معاوية لعمروٍ: من لذراري المسلمين؟ " يعني إذا كان الأمر كذلك فمن لذراري المسلمين؟ ولا شك أن معاوية رجل عاقل داهية، يعني مع هذه الظروف التي يعيشها ظروف حرب يفكر بذراري المسلمين، فإذا قتل الآباء من للذراري من النساء والأطفال، وفيه اهتمام معاوية -رضي الله عنه- بذراري المسلمين، ولا يقول قائل: إذا كان فيه هذا العطف وهذا الحنو لماذا يدخل في هذه الحروب؟ هو يرى أنه على الحق، هو يرى أنه لا بد من المطالبة بدم عثمان، وإن كان رأيه مرجوحاً -رضي الله عن الجميع-، والراجح هو قول علي -رضي الله عنه- ورأيه، "فقال -عمرو-: أنا"، يعني أكفلهم، وهو بذلك يحرض معاوية على متابعة القتال، "فقال عبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن سمرة: نلقاه" أي نلقى معاوية "فنقول له: الصلح" أي نطلب منه الصلح، "قال الحسن: ولقد سمعت أبا بكرة" نفيع بن الحارث "قال: بينا النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب جاء الحسن" يعني ابن علي "فصعد المنبر، فقال: النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إن ابني هذا سيد)) " والمراد بالابن ابن البنت السبط " ((إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين)) " طائفة الحسن وطائفة معاوية، وهكذا وقع، ففي الحديث علم من أعلام النبوة، وفيه أن السيادة لا تنال إلا بواسطة النفع العام، السيادة من كانت فيه مصلحة عامة للأمة يستحق أن يلقب بالسيد، لما حقن دماء المسلمين استحق هذا اللقب، فهذه مصلحة عامة، والآن يطلقون السيد على أنذل الناس وأرذلهم، كل الناس سيد، وبعض الناس يطبع الخطابات مطبوعة السيد جاهز، مع أنه جاء النهي عن إطلاق السيد على الفاسق، لا يجوز أن يقال للفاسق: سيد، متى