يعني كون النبي -عليه الصلاة والسلام- يخبر عن شيء، يعني هل أهل العراق يمكن ينفون مثل هذا الكلام؟ هذا هو الواقع، الخطابي من أقصى المشرق من بست، ويقول: "نجد من جهة المشرق، ومن كان بالمدينة كان نجده باديةَ العراق" فنجد المذكورة في هذا الحديث، وما جاء في معناه ليس المراد بها المسماة بهذا الاسم، وإن اشتهرت بهذا الاسم، وعرفت به، لكن الأصل في النجد أنه كل ما ارتفع نجد.
في الدعوة التي دعاها النبي -عليه الصلاة والسلام- بالبركة لأهل الشام ولأهل اليمن، لا شك أن الشام بلادٌ مباركة، وفي مطلع سورة الإسراء {الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [(1) سورة الإسراء] كل ما حول المسجد الأقصى مبارك، وجاءت النصوص الكثيرة في اليمن، ومدح أهل اليمن، و ((الإيمان يمانٍ، والحكمة يمانية)) فمثل هؤلاء يستحقون الدعاء، وليس معنى هذا أنه إذا لم يدعُ لأحد أنها بلاد شر، لا يعني أنها بلاد شر، نعم تكون لهذه البلاد التي دعي لها مزية بالبركة، مكة والمدينة، مكة حرمها الله، والمدينة حرمها النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهما أفضل البقاع، والمدينة فيها لأواء، وفيها شدة، ولا يصبر على لأوائها إلا من يسكنها ومن يصبر على لأوائها يستحق الشفاعة، على كل حال كونها في شدة وفيها لأواء، ومكة. . . . . . . . . أقدس البقاع في وادٍ غير ذي زرع، هل ينقص من قدرها أنها ليست بذات زرع؟ والزرع كله في الشمال والجنوب وغيره، بل هذه الدنيا الجمال اللي يسمونه جمال الطبيعة، الكفار بها أحق، لماذا؟ لأن هذه الدنيا هي جنة الكافر، والمسلم سجنه الدنيا، يدخر له نصيبه كامل، ولذا تجدون مثل هذه الأمور من جمال الطبيعة، وجمال الجو، وطيب الهواء تجدون أكثر من يتمتع به، ويرتع فيه غير المسلمين، ولا يضير المسلمين هذا أبداً لا يضيرهم؛ لأن أجورهم تدخر لهم يوم القيامة، يدخر لهم ذلك في جنةٍ عرضها السماوات والأرض، فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلبِ بشر.