"عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قام إلى جنب المنبر فقال: ((الفتنة هاهنا، الفتنة هاهنا)) " وأومأ بيده إلى المشرق ((من حيث يطلع قرن الشيطان)) أو قال: ((قرن الشمس)) في رواية: ((قرنا الشيطان)) بالتثنية، فقيل: إن له قرنين حقيقةً، وقيل: ناحيتا رأسه "أو قال: ((قرن الشمس)) " حاجبها، حينما يطلع حاجبها قرنها، حينما يطلع جانبها الأول، فالشيطان مقارنٌ للشمس في مطلعها وفي مغربها، فالشمس تطلع بين قرني شيطان، وتغرب بين قرني شيطان، لماذا؟ ليكون سجود عبدة الشمس له؛ لأن هناك من يعبدها، ولذا جاء النهي عن الصلاة وقت طلوع الشمس، ووقت غروبها، في حديث عقبة بن عامر يقول: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي، وأن نقبر فيهن موتانا، حينما تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة، وحين تتضيف الشمس للغروب حتى تغرب" هذه الأوقات الثلاثة المضيقة النهي فيها شديد، فعلى المسلم أن لا يصلي في هذه الأوقات الثلاثة، ولا ذوات الأسباب، بقي من أوقات النهي الوقتان الموسعان: بعد طلوع الصبح إلى .... ، ومن صلاة العصر إلى قبيل الغروب، المضيق من طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح، وحين يقوم قائم الظهيرة، حينما تكون الشمس في كبد السماء، وحين تميل الشمس إلى الغروب، تتضيف للغروب حتى تغرب، والأوقات المنهي عنها عن الصلاة من طلوع الشمس ومن طلوعها حتى ترتفع، ولاختلاف النهي شدةً وخفة جعل أهل العلم هذين الوقتين وإلا بإمكان القائل أن يقول: لماذا لا نقول: وقت واحد من طلوع الصبح إلى أن ترتفع في وقت واحد؟ لماذا هذا؟ لأن النهي أشد، فهما وقتان، وقت وسع، والنهي فيه خفيف، ووقت مضيق، والنهي فيه شديد، ولذا يرى جمعٌ من أهل العلم كابن عبد البر مثلاً وابن رجب أن النهي عن الصلاة في الوقتين الموسعين لا لذات الوقتين، وإنما هو من باب الاحتياط إلى الوقتين المضيقين؛ لئلا يسترسل الإنسان، يصلي بعد طلوع الصبح حتى تطلع الشمس، فيقع في الحرج في الوقت المضيق، ولئلا يسترسل في الصلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، فيقع في الوقت المضيق، لكن نهي عن الصلاة بعد الصبح، ونهي عن الصلاة بعد العصر من باب الاحتياط لهذين الوقتين