"فقال: ((ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه)) " جاء في الخبر الآخر: ((يصبح الرجل مؤمن ويمسي كافر)) والعكس، وهذا بسبب ما قدم، وبسبب تعرضه لهذه الفتن، ((فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل الوكت)) يعني باقٍ فيها أثر يسير مثل الوكت، مثل السواد في اللون الأبيض أو العكس، ((ثم ينام النومة فتقبض الأمانة من قلبه)) يزداد من الذنوب والمعاصي والشهوات والشبهات، ((ثم تقبض الأمانة من قلبه فيبقى فيها أثرها مثل أثر المَجْل)) أثر المَجْل، المجل: غلظ الجلد من أثر العمل، لو وازنت بين اثنين أحدهما يعمل بيده وبنفسه، والآخر مترف ليس بصاحب عمل، لا شك أنك تجد هذا جسمه ناعم، ويده ناعمة، أما الذي يكد ويكدح ويعمل بيده ويتولى الأعمال بنفسه هذا لا شك أن جلده غليظ، ((يبقى أثرها مثل المجل)) غلظ، ((كجمر دحرجته على رجلك)) يعني لو أتيت بجمرة أو وقعت جمرة على رجلك إما من المبخرة مثلاً وإلا شيء ماذا تصنع هذه الجمرة؟ ((كجمرٍ دحرجته على رجلك فنفط -انتفخ- فتراه منتبرا ً -يعني منتفخاً يعني مرتفع- وليس فيه شيء -ما في جوفه شيء- ويصبح الناس يتبايعون -يعني السلع- فلا يكاد أحد يؤدي الأمانة)) لأنها سلبت في الغالب، سلبت من غالب الناس، ((فلا يكاد أحدٌ يؤدي الأمانة)) وهذا مع الأسف الشديد واقع كثير من المسلمين.
من ينصح لأخيه المسلم، إذا جاء المسترسل والمندفع الذي لا يعرف الأسعار ينصح له، مثل جرير بن عبد الله اشترى الفرس بثلاثمائة، لما باعه صاحبه قال: فرسك يستحق أكثر أشتريه بأربعمائة، فلما باعه قال: لا، فرسك يستحق أكثر إلى أن وصل إلى ثمانمائة، كثير من الباعة يتمنون مثل هذا المسترسل، ويقول بعضهم إما بلسان مقاله -وقد سُمع- أو بلسان حاله، يسأل الله أن يأتي إليه بلهجة العوام يقول: يأتي إليه عميان قلب مفتح العيون، يبي واحد بس خذ هذا بأي ثمن يكون، هذا من النصح لكلِّ مسلم؟ هذا غش للمسلمين، هذا الغش للمسلمين، وإلا النصح لكل مسلم غير هذا.