"رأيتُ أحدهما" يعني أدركت، حصل، أحدهما حصل، والثاني يُنتظر، "وأنا أنتظر الآخر، قال: حدثنا أن الأمانة" يعني المذكورة في قوله -جل وعلا-: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا} [(72) سورة الأحزاب] يعني لأن أمرها عظيم "نزلت -هذه الأمانة- في جذر قلوب الرجال" في أصلها، في عمق القلوب نزلت هذه الأمانة، المراد بها إما الفطرة، أو العهد الذي أخذ عليهم وهم في أصلاب آبائهم، أو التزام التكاليف، المقصود أن هذه الأمانة نزلت في عمق القلوب، "ثم علموا من القرآن" زيادة على هذه الأمانة التي نزلت في جذر القلوب وعمقها فتأكدت "ثم عملوا من السنة" إضافة إلى ذلك، فترسخت الأمانة في قلوبهم، هذا حال الصحابة -رضوان الله عليهم-، وحال من اقتفى أثرهم ممن لم يغير ولم يبدل، ولد على الفطرة، وتعلم العلم الشرعي من أبوابه، معتمداً في ذلك على الكتاب والسنة، مثل هذا في الغالب الله -سبحانه وتعالى- يعينه ويثبته ويسدده، ولا تميلُ به الأهواء غالباً، "ثم علموا من السنة" إشارةً إلى أن الاهتمام ينبغي أن يكون لكتاب الله -عز وجل- عند كل مسلم، وعلى وجه الخصوص عند طلاب العلم، "ثم علموا من القرآن، ثم علموا من السنة" ففي هذا تقديم الأهم فالأهم في تحصيل العلم الشرعي.
وبالمهم المهم ابدأ لتدركه ... وقدم النص والآراء فاتهمِ