ويقرر ابن القيم -رحمه الله تعالى- أن أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته هم أهل العناية به، هم أهل العناية به والاهتمام بقراءته وتدبره وترتيله والعمل به، يقول: هم أهل القرآن وإن لم يحفظوه، على أنه جاء في الحفظ على وجه الخصوص ما جاء من نصوص تحث عليه، لكن لا ييأس من لم يستطع حفظ القرآن، تكن له عناية بالقرآن، وورد يومي من القرآن، يعنى بكتاب الله -جل وعلا-، ينظر في عهد ربه، بحيث لا تغيب شمس يوم إلا وقد قرأ حزبه من القرآن، والمسألة تحتاج إلى همة، تحتاج إلى عزيمة، والتسويف لا يأتي بخير، وإذا فات ورد النهار قرأناه في الليل، فات ورد الليل نضاعف حزب الغد، ما ينفع هذا.
أناس نعرفهم إذا جاء وقت الورد -وقت الحزب- وهو في سفر في طريق في البراري والقفار يلبق السيارة يقرأ حزبه ويواصل إذا لم يحفظ، هنا لا يضيع الحفظ بهذه الطريقة.
من حدد لنفسه ورداً وحزباً يومياً بحيث لا يفرط فيه مثل هذا يفلح، ولا يفرط في نصيبه من القرآن، وتلاوة القرآن لا تكلف شيئاً ترى، لا تكلف شيئاً، يعني بالتجربة من جلس بعد صلاة الصبح إلى أن تنتشر الشمس قرأ القرآن في سبع، يعني في كل جمعة يختم القرآن، ما تكلف شيئاً، المسألة تحتاج إلى ساعة، لكن مع ذلكم تحتاج إلى همة تحتاج إلى همة، أما من يقول: إذا جاء الصيف والله الآن الليل قصير، فإذا طال الليل أجلس بعد صلاة الصبح -إن شاء الله- وإذا جاء الشتاء قال: والله براد إذا دفينا شوية جلسنا، الفجر برد في الشتاء معروف، لكن إذا قال مثل هذا لن يصنع شيئاً.