ألا تقعد في المسجد فيجمع إليك: يعني يجتمع إليك الناس، فيأخذون عنك، وعادة السلف الفرار من الشهرة، واشتهار الأمر، واجتماع الجموع، والفئام، يكرهون هذا ويفرون منه، ولا يتعرضون ولا يعرضون أنفسهم، لكن إذا حصل، وقد حصل لكثير منهم من يحضر عنده الألوف، لكنهم يكرهون هذا أشد الكراهية؛ لأن هدفهم أن يستفاد من علمهم وينتشر علمهم من غير أن توطأ أعقابهم ويجتمع الناس إليهم، ويتبعونهم في المشي ويأتون وراءهم، هذا ليس بالمقصد، من كان هدفه هذا فلا شك أن في نيته شيء، من كان هدفه الكثرة، ومن غضب من القلة أو أثرت فيه الكثرة والقلة هذا في نفسه شيء؛ لأن بعض الناس إذا قيل له: لماذا ما تدرس؟ قاضي في بلد لا يوجد غيره مثلاً، لماذا لا تنفع وتنتفع، تنتفع أنت قبل الطلاب وتنفع الطلاب؟

يقول: والله يا أخي ما عندنا طلاب، جلسنا من أول ما جينا وجلس عشرة طلاب ما يسوون من يفتح لهم الكتاب، ثم بعد يوم جاء رمضان انقطعوا -انقطع خمسة- ويوم جاءت إجازة الحج ما جاء إلا اثنين!!

يا أخي يكفيك واحد، واحد يكفيك يقرأ عليك، واحد يكفيك، الكثرة ما هي بعبرة، ((يأتي النبي وليس معه أحد، النبي ومعه الرجل والرجلان))، في أفضل من الأنبياء؟!!

الأمر الثاني أن هذه مرحلة امتحان، الله -جل وعلا- يختبرك، يختبر ثباتك ويختبر صدقك، واحد الآن من كبار أهل العلم يحضره يعني درس الفجر يحضره ألف، وغيره أكثر وأكثر، أنا أدركت ما عاد حضر عنده إلا واحد، وها الواحد ما هو بسعودي بعد، المسألة امتحان امتحان، هذا ما حد لا الشيخ ولا الطالب كلهم يختبرون، يتعرضون لمرحلة امتحان، فإذا ثبت الإنسان وعرف الله منه الصدق يبشر.

فهذا علقمة وهو من كبار علماء الأمة يقال له: ألا تقعد في المسجد فيجمع إليك وتسأل: نعم فيه من يكفيه، أهل العلم متوافرون، ونجلس معك فإنه يسأل من هو دونك؟ قال: فقال علقمة: "إني أكره أن يوطأ عقبي: لا يحبون الشهرة ولا الظهور، ولا كثرة الأتباع، ولا ليقال: الناس عند فلان انصرفت إليه وجوه الناس، هذا ما هو بهدف، يقال هذا علقمة هذا علقمة": راح علقمة جاء علقمة، ما يبون هذا، ما يبون هذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015