نعم الرواية إما أن تكون باللفظ أو بالمعنى، رواية الحديث بالمعنى بشرطه على ما تقدم شرحه وبيانه جائزة عند جماهير العلماء؛ لأن لو اشترطنا الرواية بالحرف باللفظ قد لا يطيقها كثير من حملة العلم، لكن رفقاً بالرواة، وحفظاً للدين لئلا يضيع أجاز أهل العلم الرواية بالمعنى بشرطها: أن يكون الراوي عالم بمدلولات الألفاظ، وما يحيل المعاني، وأن لا يستطيع الإتيان باللفظ؛ لأنه إذا حفظ اللفظ عليه أن يؤدي كما سمع، لكن إذا لم يستطع لا يضيع الدين بهذه الطريقة، وكتب السنة بما في ذلك الصحيحان طافحة بالرواية بالمعنى؛ لأنك تجد القصة الواحدة يسوقها البخاري في مواضع متعددة بألفاظ مختلفة، يسوقها مسلم على وجوه، وألفاظ، وزيادات ونقصان، كل هذا لا يضر؛ لأن الزيادة في الخبر إذا كانت منه ممن رواه ناقصاً مقبولة، والزيادة والنقص منه ممن رواه تاماً في مجلس آخر مقبولة، شريطة أن ترتفع منزلة الراوي عن التهمة بحيث إذا رواه ناقصاً ما يتهم أنه فرط بشيء من الخبر، وإذا رواه تاماً لا يتهم بأنه زاد في الخبر ما ليس منه، فإذا رواه مرة تاماً، ومرة ناقصاً، ومرة على وجه كل هذا يراعي فيه أحوال السامع، ويقتصر منه على ما يريد من جمل لا بأس به، نعم.
"يقول: كان القاسم بن محمد" أحد الفقهاء السبعة المعروفين الذين يجمعهم قول الشاعر:
فخذهم عبيد الله عروة قاسم ... سعيد أبو بكر سليمان خارجة
"وابن سيرين" محمد بن سيرين، ينص أهل العلم على أنه لا يجيز الرواية بالمعنى "ورجاء بن حيوة يحدثون بالحديث على حروفه" لا شك أن هذا أورع، وأضبط، وأتقن، وأحرى، وأجدر، وأليق، لكن ما كل الناس يطيق هذا "وكان الحسن وإبراهيم والشعبي يحدثون بالمعاني" على أن الشعبي من الحفاظ المعرفين، الذي لا يحتاج إلى تكرار، يحفظ الحديث من أول وهلة، نعم.
أحسن الله إليكم:
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثنا بن عون قال: "دخلت على إبراهيم فدخل علينا حماد فجعل يسأله ومعه أطراف قال: فقال: ما هذا؟ قال: إنما هي أطراف، قال: ألم أنه عن هذا؟ ".