نعم هذا إذا كثرة الجموع عند العالم، وقد حصل لبعض الصحابة كما هنا: "كان رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يحدث الناس" هذا حصل لجمع من الصحابة عند ابن عباس، عند ابن مسعود، عند غيرهما من الصحابة كثرة الجموع فاحتاج ابن عباس إلى المترجم، المستملي الذي يبلغ الناس الحديث، يعني إذا افترضنا أن الشيخ هنا ولا نتصور مكبرات صوت ولا غيرها، يجلس الشيخ في المسجد أو في مكان متسع فتكثر عليه الجموع يمتلأ المسجد والساحات والشوارع والبيوت المجاورة أحياناً، كيف يبلغهم الشيخ؟ كيف يبلغهم؟ اتخذ أهل العلم المستملين، المستملي: هو الذي يبلغ كلام الشيخ، يجلس واحد هناك عند الباب يسمع الشيخ يبلغ أولئك، سمعه شخص عند الباب الثاني يبلغ من وراه وهكذا، وقد يكون في المجلس الواحد عشرة من المستملين إذا كثر العدد وهنا "كان رجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحدث الناس فيكثر عليه -يكثر عليه الحضور- فيصعد فوق بيت فيحدثهم" لأنه إذا كان من علو ويطل عليهم يسمعهم، ولذا اتخذ المنبر؛ لأن الذي .. ، بحيث يراه الناس كلهم، لا شك أن الرؤيا تساعد على السماع، الرؤيا تساعد على السماع، أما الذي لا يرى الشيخ ولو كان قريباً منه قد لا يسمع صوته؛ لأن من الأمور القولية والفعلية ما يستدل ببعضها على بعض، ولذا جاء عن الصحابة -رضوان الله عليهم- أنهم كانوا يتجهون إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو يخطب بوجوههم، كما عند الترمذي والحديث مختلف فيه.
على كل حال الرؤيا تساعد على البيان، فإذا صعد على بيت، على سطح بيت وحدثهم سمعوا، ولذا شرع الأذان في المنارة، والخطبة على المنبر، من أجل تبليغ الناس، وابن عباس -رضي الله عنهما- عرض على أبي جمرة نصر بن عمران الضبعي أن يجلس عنده يترجم له، يعني يبلغ كلامه، يبلغ كلامه الذين لا يسمعونه، وهذه سنة متبعة عند أهل العلم، حتى كثر الجموع في القرن الثاني والثالث إلى أن بلغوا ألوف، كيف يبلغون إلا بهذه الطريقة؟ والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.