يقول: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن قابوس بن أبي ظبيان قال: "صلينا يوماً خلف أبي ظبيان": يعني أباه، "صلاة الأولى": صلاة الظهر، هي الصلاة الأولى لأنها أول ما أمَّم جبريل النبي -عليه الصلاة والسلام- فيها، سميت الصلاة الأولى، "ونحن شباب كلنا من الحي إلا المؤذن فإنه شيخ": المؤذن شيخ كبير والبقية كلهم شباب، صلوا خلف أبي ظبيان، "فلما سلم": التفت إليهم ثم جعل يسألهم، "من أنت؟ من أنت؟ ": من أنت هذه طريقة معروفة، السؤال عن الشخص، عن اسمه وعن أبيه، وعن ما يتم تعريفه به، لتتم معاملته والتعامل معه بما يليق به، بما يليق به، فقد أمرنا أن ننزل الناس منازلهم، فيتعامل معهم على حسب منازلهم، وكل إنسان له معاملة خاصة.
"من أنت؟ من أنت؟ فلما سألهم قال":. . . . . . . . . شباب كلهم في سن الشباب لم يصلوا إلى حد الكهولة ولا الشيخوخة، "قال: إنه لم يبعث نبي إلا وهو شاب": وهو شاب، يعني ما بعث شيخاً كبيراً أبيض اللحية، تعدى مرحلة الكهولة والشباب، إنما بعث وهو شاب، ومعروف أن الأنبياء يبعثون على رأس الأربعين -عليهم الصلاة والسلام- هذا في الغالب وعلى رأسهم نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام- في الأربعين بعث.
"ولم يؤت العلم خير منه وهو شاب": وهذا حث لهم على طلب العلم، حث لهم على طلب العلم، فالشاب يحرص على طلب العلم؛ لأن السن يؤهله للتحمل، وأيضاً البال فارغ، والتبعات والمسؤوليات أقل، والقوى كلها مكتملة ومجتمعة، الشاب يحرص على طلب العلم، ولا ييأس الشيخ، ولا ييأس الشيخ؛ يوجد من كبار السن من تعلم، من تعلم واستفاد.
يذكر عن صالح بن كيسان أنه تعلم وهو ابن تسعين سنة، وأدرك حتى صار من كبار الآخذين عن الزهري، ويختلفون في السن، يعني أقل ما قيل خمسين، لكنه كبير، كبير جداً لما بدأ الطلب، فلا ييأس كبير السن، والآن -ولله الحمد- دور التحفيظ للذكور والإناث من أكبر الشواهد على هذا، يعني في السبعين امرأة تحفظ القرآن كاملاً! أمية لا تقرأ ولا تكتب، الحمد لله فتحت آفاق وآمال، واليأس التام الذي كان مطبق ومسيطر على الناس انتهى ولله الحمد.