المسألة تحتاج إلى تحرير، ما جاء فيه نص صحيح صريح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا لا قول لأحد معه كائن من كان بعد أن يبلغ الخبر يجب عليه ويلزمه العمل به، ولا يعارض بقول أحد كائن من كان ولا بقول أبي بكر ولا عمر، لكن من بلغه الخبر وهو من أهل الاجتهاد وفهمه على فهمٍ سائغ له أصل، فمثل هذا لا يثرب عليه وهذه طريقة الأئمة قاطبة، الحنفية لا يثربون على الشافعية، والشافعية لا يثربون على المالكية؛ لأنهم يقلدون إمامهم الذي تبرا الذمة بتقليده وفهمه سائغ ومبني على فهم السلف، ففرق بين من يقول: لحم الإبل لا ينقض الوضوء مع علمه بحديث جابر وغيره: ((توضوء من لحوم الإبل))، ولا يؤول ولا يعارض بحديث: "كان أخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك الوضوء مما مست النار"، يقول: هذا ظاهر لأنه عارض قول النبي -عليه الصلاة والسلام- بغير معارض شرعي، والذي يعارضه بقوله - عليه الصلاة والسلام-: " كان أخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار"، والإبل، لا شك أن لحمه إذا أنضج طبخاً قد مسته النار فيقول: لحم الإبل لا ينقض الوضوء فيكون الخبر الأول منسوخ، الذي يقول: هذا الكلام لا يفرط عليه، وإن كان يعني ما من قواعد عند التعارض في مثل هذا أن هناك تجاه هذين النصين قواعد متعددة يترجح بعضها عند أهل العلم وبعضها يترجح عند أخرين، فبدلاً من أن يقول: إن الأمر بالوضوء من لحم الإبل منسوخ بحديث: " كان آخر الأمرين من سول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك الوضوء مما مست النار" يقول: أن هذا خاص، الأمر بالوضوء من لحم الإبل خاص، ومفهوم حديث: "كان آخر الأمرين" عام والخاص مقدم على العام، وهذه طريقة وتلك طريقة لأهل العلم، ولا يترب على هذا ولا يترب على هذا، نأتي إلى مسألة بعد هذه إذا قال أن لحم الإبل يوجب الوضوء، لكن أنازع فيما لا يسمى لحم كالنصران والكرش والكبد ونحو هذا يقول: أنا لا أسميها لحم ولو الأمر بالوضوء من لحم الإبل، إذا قال هذا الكلام: لا يترب عليه لأن له أصل يستند عليه، فالمسائل لا شك أنها تتفاوت وأن الأصل ما قاله الله، وما قاله رسوله - عليه الصلاة والسلام-، وقد يرد في المسألة أكثر من دليل يتجاذبها والحكم في هذا