يقول -رحمه الله تعالى-: عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم: - ((نهى عن الوصل، قالوا: فإنك تواصا يا رسول الله، قال: إني لست كهيأتكم إني أطعم وأسقى))، نهى عن الوصال، في الحديث الآخر: ((إياكم والوصال))، حذرهم من الوصال نهى كأنه قال: لا تواصلوا، لا تقرنوا بين صوم يومين فأكثر دون فطر، فالوصال: أن يصوم يومين فأكثر دون أن يفطر بينهما، دون أن يفطر بينهما، نهى عن الوصال، قالوا: إنك تواصل يا رسول الله، الرسول - عليه الصلاة والسلام- يواصل يمر عليه اليوم واليومان والثلاثة ما أكل شيئا، فقالوا: إنك تواصل يا رسول الله فقال: ((إني لست كهيأتكم إني أطعم وأسقى))، أطعم وأسقى، كلام كلام أهل العلم في المراد بالطعام والشراب الذي يطعمه عليه الصلاة والسلام ويسقاه كلام طويل جدا، منهم من يقول: إنه يطعم ويسقى حقيقة، فيؤتى له من ثمر الجنة وشرابها ما يأكل ويشرب منه فيكون الكلام على حقيقته، لكن بعض أهل العلم قالوا: إن هذا لا يستقيم لأنه لو كان طعاما وشرابا حقيقيا لما قال: ((إني لست كهيأتكم)) فكان جوابه: ((إني لا أواصل)) إنك تواصل يقول: ((لا إنا لأني أكل وأشرب))، ولا يمكن أن يحصل الوصال مع الأكل والشرب، وصال مع الأكل والشرب لا يمكن، لأن معنى الوصال ترك الأكل والشرب وهنا يطعم ويسقى ويأكل ويشرب على حد زعم من قال: يشرب، فكان جوابه: ((إني لا أواصل))، منهم من يقول: إن طعام الجنة وشراب الجنة يختلف عن طعام الدنيا، وشراب الدنيا في أنه لا يفطر، فيستمر الإنسان في حكم الصيام ولو أكل وشرب من طعام الجنة وشرابها، لكن أيضا هذا فيه ما فيه، هذا فيه ما فيه؛ لأن الأصل أن الأكل مفطر أي: كان، والشراب مفطر ولم يكن هناك ميزة للنبي - عليه الصلاة والسلام - إلا لكونه له هذه الخارقة والمعجزة أنه يؤتى له من طعام الجنة وشرابها، أما كونه يتحمل في سبيل الله من الصيام مالا يتحمله غيره، وأعطى من القوة على تحمل مثل هذا العبادة ما لم يعطه غيره ما تبين مزيته من هذه الحيثية؛ لأنه يأكل ويشرب حقيقة وإن قيل: إن طعام الجنة وشراب الجنة ليس كطعام الدنيا وشرابها مما يفطر به الصائم، وإلا واضح أنه إذا أكل وشرب حقيقة له يفطر ولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015