ولابن إسحاق من رواية عبيد بن عميرٍ مرسل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخلوا في حرا من كل سنة شهر.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فقول المؤلف - رحمه الله تعالى-: باب [الاعتكاف والمجارة] , باب الاعتكاف والمجاورة، وعلاقة الاعتكاف بالصيام ظاهرة لأن الصيام وقته في شهر رمضان والاعتكاف الأفضل فيه أن يكون في العشر الأخيرة من رمضان, فهم يذكرون أحكام الاعتكاف لأنها تكون في الوقت الذي يكون فيه الصيام، على أن بعض أهل العلم اشترط للاعتكاف الصيام, فهناك مناسبة واتصل قوي ومتين بين الاعتكاف والصيام.
باب الاعتكاف: هو لزوم المسجد، الاعتكاف: لزوم المسجد لطاعة الله, ومنهم من يرى أنه لا حد لأقله، يعني: بمجرد ما تدخل المسجد تنوي الاعتكاف، تنوي الاعتكاف ولو مدة يسيرة، ولكن هذا القول ليس بصحيح, لأنه يناقض المعنى اللغوي للاعتكاف فضلاً عن الشرعي, فلا يطلق على المرور بالمسجد أو المكث فيه مدة يسيرة اعتكاف حتى يلزم المسجد، حتى يلزم المسجد أما على قول من يرى وجوب الصيام ولزوم الصيام للاعتكاف فهذا ظاهر، وعلى قول من لا يرى لزم الصيام للاعتكاف فلا بد من تحقق المعنى الغوي على أقل الأحوال، أن يكون يمكث مدة يطلق عليه لغةً أنه لزم المكان واستقر به, حتى يقال انه اعتكف والاعتكاف: هو العكوف ملازمة الشيء, والمجاورة، المجاورة تطلق ويراد بها الاعتكاف، سيأتي في رواية في الصحيحين بدلاً من قول عائشة: "وهو معتكف" "وهو مجاور"، على هذا المجاورة تطلق ويراد بها الاعتكاف وهو لزوم المسجد، يعني: مجاور لله في بيته في مسجده وقد يطلق على من سكن مكة أو المدينة مجاور، وسيأتي أن النبي - عليه الصلاة والسلام - جاور في حرا وليس بمسجد، فتطلق المجاورة ويراد بها الاعتكاف، وتطلق المجاورة ويراد بها ملازمة المكان الذي يتقرب فيه إلى الله ولو لم يكن مسجدا.