فأكملوا العدة ثلاثين» والأحاديث يفسر بعضها بعضًا، وهذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أيضًا ما علقه المؤلف من حديث عمار قال: «من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم» ومعلوم أن الهلال إذا لم ير في ليلة الثلاثين لغيم أو قتر فهو يوم شكٍّ لا ندري هل هذا اليوم هو تمام شهر شعبان أو أول يوم من أيام رمضان؟! فجاءت السُّنة أنه لا يجوز صيامه؛ لأن عمارًا قال: من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم -. فهذان دليلان على أن معنى: «اقدروا له» أي أتموا شعبان ثلاثين يومًا، وأيضًا كما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي قوله: «لا تقدَّموا رمضان بصوم يوم أو يومين» فهذه جملة الأدلة على أن الثلاثين إذا لم يرَ الهلال لغيم أو قتر؛ فإننا نكمل شعبان ثلاثين يومًا والحكمة في إتمام شهر شعبان ثلاثين يومًا هو حتى يتحقق الفصل بين الفرض والنفل وحتى لا يدخل في الفرض ما ليس فيه، وكما أنه يكون في أول الشهر يكون في آخر الشهر ولهذا نُهي عن صيام يوم عيد الفطر؛ لأنه فاصل في نهاية شهر رمضان بين الحل والإفطار وأيام الصوم والإمساك ففصل الفرض في البداية والنهاية حتى تكون الشريعة واضحة فلا يدخل فيها ما ليس منها.
وقال بعض أهل العلم: معنى «فاقدروا له» أي العمل بالحساب، وهو قول بعض أهل العلم مثل أبي العباس بن سريج وعمل به بعض المتأخرين، وقد قال شيخ الإسلام عن هذا القول: «هذا القول محدّثٌ في الإسلام» وهو قول مبتدع وهذا هو الصحيح؛ لأن هذه الأمة أمية كما قال النبي عليه الصلاة والسلام وسيأتي بإذن الله.