وفي الحديث أيضًا: أن رائحة فم الصائم وهي خُلُوفُ فمه مع كون الإنسان ينفر منها ويكرهها؛ لأنها تشبه «البخر» وهو الداء المعروف فإنها عند الله أطيب من رائحة لامسك لأنها ناتجة عن أثر عبادة عظيمة.
واستنبط بعض أهل العلم من هذا الحديث كراهية الاستياك آخر النهار وهو وقت خروج هذه الرائحة الكريهة، فقال: ينبغي إبقاؤها لأنها محبوبة إلى الله.
والصحيح أن الأمر ليس كذلك؛ لأن السواك سنة مطلقة في أول النهار وآخره، وقد عقد المؤلف: بابًا ذكر فيه السواك للصائم وسوف يأتي الكلام عن هذا حينما يأتي هذا الباب.
وقد قيل: إن الرائحة تخرج وتنبعث من المعدة ولا علاقة لها بالسواك، وهذا فيه نظر؛ لأنه في الحديث قوله: «لخُلُوف فم الصائم» فالخُلوف في الفم ليس في غيره.
واستنبط بعض أهل العلم أنه في هذا الحديث يثبت لله صفة الشم، وقالوا: إن استطابة الروائح من الله تدل على اتصافه بهذه الصفة، ولكن قد يقال: إن هذا الحديث ليس بصريح في إثبات هذه الصفة، ومعلوم أن الصفات لابُدَّ في إثباتها أن تكون النصوص فيها صحيحة صريحة.
وأيضًا قد يكون إدراك الله لهذه الرائحة عن طريق العلم فإن الله يعلم بها، فيكون المعنى أن الله يعلم هذه الرائحة وهذا قول شيخنا ابن عثيمين - رحمه الله -، وبكل حال نقول: إن دل الحديث على هذه الصفة فنثبتها لله - عز وجل -، وإن لم يدل عليها لا نثبتها وهذا القول الأخير هو قول شيخينا ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله.