قال المؤلف رحمه الله تعالى: [الحمد لله الذي هدانا للإسلام، ومن علينا به، وأخرجنا في خير أمة، فنسأله التوفيق لما يحب ويرضى، والحفظ مما يكره ويسخط].
ابتدأ المؤلف هذه الرسالة بالحمد لله اقتداء بالكتاب العزيز، فالله تعالى افتتح كتابه بالحمد لله رب العالمين، والحمد هو الثناء على المحمود بالصفات والنعم المتعدية مع حبه وإجلاله، بخلاف الثناء على المحمود بالصفات الثابتة الملازمة التي لا تتعدى فإنه يسمى مدحاً، فالثناء على المحمود بالصفات الاختيارية التي يفعلها باختياره يسمى ثناء، والثناء عليه بالصفات الملازمة التي لا تكون له باختيار يسمى مدحاً، ولا يسمى حمداً.
والحمد أكمل من المدح، فأنت تمدح الأسد بأنه قوي، ولا يسمى هذا حمداً؛ وتمدح الرجل بالكرم والشجاعة والإحسان فيكون هذا حمداً؛ لأن هذه الصفة باختياره وقعت منه باختياره.
والله تعالى له جميع المحامد، ملكاً واستحقاقاً، فهو سبحانه وتعالى ذو العبودية والألوهية على خلقه أجمعين وما في العباد من نعمة فمن الله، قال تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ} [النحل:53]، فالله تعالى هو المحمود؛ لما اتصف به من الصفات العظيمة وبما أنعم به على عباده سبحانه وتعالى، فجميع أنواع المحامد لله ملكاً واستحقاقاً، ولهذا استفتح الله تعالى كتابه العزيز بالحمد لله رب العالمين، ثم قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:3] ثناء بعد ثناء.
قال المؤلف رحمه الله: (الحمد لله الذي هدانا للإسلام) وهذه من النعم المتعدية، قال تعالى عن أهل الجنة: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف:43]، فهذه من النعم العظيمة التي لا يحمد بها إلا الرب عز وجل، فلولا هداية الله لنا بالإسلام لما كنا مهتدين، لكنه هدانا سبحانه وتعالى، فنحمده سبحانه وتعالى على نعمة الإسلام ونسأله أن يثبتنا عليها حتى الممات.