شد الرحال إلى المساجد الثلاثة، البقع الثلاث، شد الرحال لطلب العلم في أي بقعة كانت هذا شرعي، شد الرحال للجهاد للتجارة لأي مقصد للسياحة إنما من أجل الصلاة في بقعة معينة غير البقاع الثلاث هذا ممنوع، وجاء: ((لا تشد الرحال)) تشد الرحال إلى الأضرحة والمزارات والبقاع والعتبات وما أشبه ذلك مما وقع فيه كثير من المبتدعة، إذا منع من شد الرحل إلى مسجد فلأن يمنع من شد الرحل إلى قبر أو مزار أو عتبة أو ما أشبه ذلك من باب أولى.
وأفتى جمع من أهل العلم بتحريم ذلك، منهم أبو محمد الجويني وشيخ الإسلام ابن تيمية وعامة أهل العلم، شد الرحل إلى زيارة النبي -عليه الصلاة والسلام- لزيارة قبره، وجاء فيها أحاديث كثيرة، وكلها ضعيفة جداً، بل حكم جمع من أهل العلم بوضعها، وقرر شيخ الإسلام هذا في رسائل، ليس في رسالة واحدة، وهي مجموعة، جمع بعضها في المجلد السابع والعشرين من مجموع الفتاوى، وقرر أن شد الرحل لزيارة القبر لا تجوز، قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فضلاً عن غيره، وإن جاء ما فيه من الأحاديث الضعيفة، فإنها لا تقوى على أن تكون أصلاً يعتمد عليه في هذه المسألة.
رد عليه السبكي في شفاء السقام بمشروعية زيارة خير الأنام -عليه الصلاة والسلام-، رد على شيخ الإسلام، وأورد من أقوال أهل العلم، وأورد أيضاً من الأحاديث الضعيفة، وأورد أيضاً عموم الأمر بزيارة القبور، ((زوروا القبور))، ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها)) شيخ الإسلام ما يمنع زيارة القبور، إنما يمنع شد الرحل للقبور، هذا الذي يمنعه شيخ الإسلام، لكن من كان بالمدينة ولا يحتاج إلى شد رحل من أفضل الأعمال، مأمور بها، من أهل العلم من أوجب زيارة القبور، وهذا منها، بل من أهمها وأشرفها، فشيخ الإسلام لا يمنع من زيارة القبور، وإنما يمنع من شد الرحال إلى القبور، فلا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد.