يعني هل يستطيع أحد أن يفرط، -لو قيل له مثلاً-: هذه البضاعة تكسِّب مائة ألف مثلاً، أو تكسِّب ألف مثلاً وبضاعة أخرى لا ربح فيها، يعني رأس مالك فقط؟ لا شك أن الناس يسعون إلى الأكثر ربح، لا يتردد أحد في هذا، فكيف يفرط العلماء وخيار الأمة من عبادها وزهادها ودعاتها وقضاتها -يفرطون بهذه الأجور- ويسكنون في مشرق الأرض وغربها؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم، تفرقوا من أجل النفع المتعدي، من أجل النفع المتعدي: للجهاد والتعليم والدعوة وغير ذلك؛ ولو تكدس العلماء كلهم في الحرمين ما انتشر الدين، ولا بلغت دعوته إلى الشرق والغرب.

وقال: ((المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، لا يدعها أحد رغبة عنها)): بهذا القيد ((رغبة عنها)): يعني لا ترجيحاً لما هو أفضل من البقاء فيها، والنفع المتعدي في الجملة أفضل من النفع القاصر، وهذا ما يقرره أهل العلم.

وإن كان هذا ليس على إطلاقه، ليس على إطلاقه؛ فإن أركان الإسلام النفع القاصر فيها أفضل من المتعدي، فالصلاة أفضل من الزكاة وأفضل من الحج، والمقصود أن هذه القاعدة ليست على عمومها ولا على إطلاقها.

((لا يدعها أحد رغبة عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير منه، ولا يثبت أحد على لأوائها وجهدها)): يعني شدتها.

((إلا كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة)): من الشراح من يرى أن (أو) هذه للشك، ولا يتصور أن الشك من النبي -عليه الصلاة والسلام- وإنما هو من الرواة، لكن هذا الحديث جاء عن .. ، من طرق متعددة عن صحابة كثر، جاء عن جابر وسعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وأبي سعيد، وأبي هريرة، وأسماء بنت عميس، وصفية بنت أبي عبيد، كلهم بـ (أو)، هل نقول: إن كلهم ينقلون عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ويشكون في ذلك؟

قال بعض الشراح: إن (أو) هذه للشك من بعض الرواة، لكن كون هؤلاء الصحابة وغيرهم يتفقون على إثبات (أو) هل يتصور أنهم كلهم شكوا؟ أو يقال: إن هذا ثابت من لفظه عليه الصلاة والسلام؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015