((فقولوا له: إن الله أذن لرسوله -صلى الله عليه وسلم- ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار)): يعني أبو شريح العدوي صحابي -رضي الله تعالى عنه- ما منعه بطش هذا الأمير، وظلم هذا الأمير، وفي ظرف تجَّيش فيه الجيوش يعني ما منعه أن يقول كلمة الحق، وفي حديث البيعة من حديث عبادة بن الصامت: "وأن نقول، أو نقوم بالحق لا نخاف في الله لومة لائم"، لكن لا يعني هذا أنها تنزع اليد من الطاعة أبداً، وهذا لا ينافي هذا البتة؛ لأنها سيقت مساقاً واحداً في حديث عبادة: "بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره؛ على أن نقوم أو نقول بالحق لا نخاف في الله لومة لائم": وهذا من النصح الواجب لولي الأمر، هذا من النصح الواجب لولي الأمر.
((ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها)): يعني هذه الساعة انتهت.
((وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، وليبلغ الشاهد الغائب)): وجاء الأمر بالبلاغ في نصوص كثيرة، واللام لام الأمر، والأمر للوجوب، والتبليغ فرض كفاية، ((وليبلغ الشاهد الغائب)).
فقيل لأبي شريح: ما قال لك عمرو؟: بمَ ردَّ عليك عمرو؟ وحكى الواقع، وبعض الناس لو ذكر في مجلس من المجالس أنه أسدى نصيحة لكبير ورد عليه الكبير ردَّاً غير مناسب، يمكن ما يجرؤ أن يقول للناس: والله الأمير طردني، أو فعل ما فعل، أو ردَّ عليَّ رداً غير مقبول .. ، والله المستعان.
يقول: ما قال لك عمرو؟ قال: أنا أعلم بذلك منك: وهذا من سوء أدبه مع الصحابي الجليل، ومن سوء أدبه مع النص، قال: "أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح، إن الحرم لا يعيذ عاصيا ولا فاراً بدم، ولا فاراً بخربة: ويختلف أهل العلم في إقامة الحدود والقصاص في الحرم، هل يقتص، وهل يقاد في الحرم، وهل يرجم، وهل يقتل القاتل؟
المسألة خلافية بين أهل العلم، فعموم الحديث يستدل به من يقول أنه لا يقتل أحد بمكة، لا يقتل أحد بمكة مهما كانت جريمته، طيب نترك الناس يجرمون بمكة؟ قال: لا، يضيق عليهم، يمنع عنهم الطعام والشراب حتى يخرجوا منها، فيقاد منهم ويقتص منهم، وتقام الحدود عليهم خارج مكة.