على كل حال هذه القاعدة العامة ((إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم)) لأن من الأوامر ما لا يستطيعه بعض الناس و {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(286) سورة البقرة] من الناس من لا يستطيع الصلاة من قيام، من الناس من لا يستطيع القراءة، من الناس من لا يستطيع الغسل، من الناس من لا يستطيع الوضوء، منهم من لا يستطيع غسل بعض أعضاء الوضوء، المقصود أن من الأوامر ما لا يستطاع، فجاء فيها هذا التخفيف ((فأتوا منها ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه)) ما في شيء من النواهي لا يستطاع، لا شيء من النواهي؛ لأنها ترك، والترك كلٌ يستطيعه، لكن قد تدع الضرورة إلى ارتكاب شيء من النواهي، قد تدع الضرورة إلى ارتكاب شيء من المنهيات، يضطر إلى أكل الميتة، فأبيح له، رخص له في أكل الميتة، مقابلة الأمر والنهي هنا، وتخفيف الأمر بتعليقه بالاستطاعة، وحسم المنهيات دون تعليق، جعل الجمهور يجعلون ارتكاب المحظور أشد من ترك المأمور، ويؤيده القاعدة العامة عندهم: أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فارتكاب المحظور أشد من ترك المأمور، وهذا قول الجمهور، ويؤيده هذا الحديث؛ لأن الأمر علق بالاستطاعة، بينما النهي فيه الجزم، ما في تعليق باستطاعة.
شيخ الإسلام يرى عكس هذا، يرى أن ترك المأمور أعظم من ارتكاب المحظور، وحجته في ذلك معصية آدم، ومعصية إبليس، معصية إبليس بترك مأمور بترك السجود، ومعصية آدم بارتكاب محظور الأكل من الشجرة، ولا شك أن معصية إبليس أعظم من معصية آدم، أيُّ القولين أرجح؟
طالب:. . . . . . . . .
ينظر إلى كل متقابلين على حدة، إيش معنى هذا الكلام؟ ننظر في المأمور وميزانه في الشرع، وننظر إلى المحظور وأثره في الفاعل وفي غيره، وما ورد فيهما من النصوص، فكم من مأمور أعظم من محظور، كم من ترك مأمور أعظم من ارتكاب محظور، وكم من ارتكاب محظور أعظم من ترك مأمور.