نعم، سياسي مبناه على أمر ديني؛ لأنه يرى أنه هو الأحق، وأنه تمت له البيعة، المقصود أنه الظاهر منه سياسي، "يريد أن يجرئهم أو يحربهم" وفي نسخة: "أو يجربهم" يجرئهم، يعني الآن في السياسيات القديمة والحديثة، إذا قامت دولة جديدة خالفة لدولة سابقة، هل تذكر محاسن الدولة السابقة التي قامت على أنقاضها أو تذكر مساوئها؟ لا سيما الأمور المشاهدة تتركها ليشهدها الناس كلهم، فلا يلوموا الدولة الخالفة، المقصود أن ابن الزبير ترك الكعبة حتى قدم الناس الموسم، "يريد أن يجرئهم أو يحربهم" يجرئهم على أن يقدحوا فيمن فعل هذا، أو يحربهم: يستثير هممهم لحربهم، وإعانته عليهم "على أهل الشام، فلما صدر الناس" صدر الناس، انتهى الحج، وأرادوا أن يصدروا، صدر يعني أرادوا، قلنا مراراً: إن الفعل الماضي يطلق ويراد به إرادة الفعل، يطلق ويراد به الشروع في الفعل، ويطلق ويراد به الفراغ من الفعل وهو الأصل؛ لكن هنا إرادة الفعل، {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} [(98) سورة النحل] {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ} [(6) سورة المائدة] يعني أردتم، وهنا: "فلما صدر الناس" أرادوا الصدور، "قال: يا أيها الناس أشيروا عليّ في الكعبة" في مثل هذا الأسلوب من استدرار العواطف ما فيه، "أشيروا عليّ في الكعبة" وعلى الإمام أن يستشير أهل الرأي، وأهل الحل والعقد والمشورة، ولا يعتمد على نفسه فقط، نعم الرأي الأخير له بعد مشورة أهل الرأي؛ لكن يبقى أنه لا بد من الاستشارة، وقد أُمر بها النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو المعصوم، "أشيروا عليّ في الكعبة أنقضها ثم أبني بناءها؟ أو أصلح -ما وهي منها؟ - أو ما وهى منها" يعني أتركها على ما كانت عليه؟ أو أنقضها وأهدمها وأعيدها على قواعد إبراهيم، وما تمناه النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ أحقق هذه الأمنية بعد أن زالت المفسدة؟ أو أتركها على ما كانت عليه؟ يستشير، "قال ابن عباس: فإني قد فُرق -فرق يعني كُشف- لي رأي" ترجح عندي رأي، {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ} [(106) سورة الإسراء] يعني وضحناه، وكشفنا معانيه، وفي بعض النسخ: "فَرق" يعني خفتُ، جاءني الفَرَق وهو الخوف من نقضها، و"فُرق لي" يعني: كشف لي