"قالت: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لولا حداثة عهد قومك بالكفر لنقضت الكعبة)) " في هذا مراعاة المصالح والمفاسد، فإذا اجتمع في الأمر مصلحة ومفسدة لا شك أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح في الجملة، بحيث إذا تساوت المفسدة والمصلحة درئت المفسدة؛ لكن إذا كان المصلحة راجحة والمفسدة مغمورة لم ينظر إلى تلك المفسدة، وإلا فالأصل القاعدة المقررة عند أهل العلم أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وكذلك إذا اشتمل الأمر على مصلحتين فعله فيه مصلحة، وتركه فيه مصلحة، فتطلب أعلى المصلحتين، وقل مثل هذا إذا اشتمل فعله على مفسدة، وتركه على مفسده فتدرأ أعظم المفسدتين.
((لنقضت الكعبة)) نقضتها: من نقض أحجارها بهدمها، ((ولجعلتها على أساس إبراهيم)) يعني على قواعده، ((فإن قريشاً حين بنت البيت استقصرت)) يعني قصرت، وذلكم بسبب قصور النفقة، (( .. استقصرت ولجعلت لها خلفاً)).
قد يقول قائل: قريش قبيلة إن لم تكن أشرف القبائل، بل هي أشرف القبائل بكاملها تعجز عن بنيان الكعبة؟ تقصر منهم النفقة لا يستطيعون؟! هذا الحاصل، بإمكان شخص واحد يقوم بجميع نفقاتها؛ لكن لعلهم في ذلك الوقت عندهم شيء من الجدب، وعدم السعة في المال.
طالب:. . . . . . . . .
لقلة المال الحلال، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
هو يذكر في السير يذكرونه.
((ولجعلتها على أساس إبراهيم، فإن قريشاً حين بنت البيت استقصرت، ولجعلت لها خلفاً)) الخلف: الباب، الباب الثاني المقابل للباب الموجود، المقابل للباب القائم، باب يدخل معه، وباب يخرج معه.
قال: "وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا: حدثنا ابن نمير عن هشام بهذا الإسناد" بالإسناد السابق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.