فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: فيما ترجم عليه النووي بقوله: باب استحباب دخول البيت للحاج وغيره، والصلاة فيها، باب استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره والصلاة فيها، والدعاء في نواحيها كلها، في هذه الأحاديث المروية بأصح الأسانيد عن ابن عمر وغيره -رضي الله تعالى عنهم- ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل الكعبة، ودعا فيها وصلى؛ لكن -عليه الصلاة والسلام- من شفقته بأمته ورحمته به أسف على هذا الدخول خشية أن يشق على الأمة؛ لأنهم أو أهل الاحتياط والتحري منهم يحرصون على الاقتداء به، ولو فعل ذلك كل واحدٍ ممن هذا وصفه لشق على الأمة، فلتزاحموا عليها كما يفعلون الآن عند الحجر، ولذا أسف النبي -عليه الصلاة والسلام- على هذا الدخول، فهل يقال: بالاستحباب المطلق كما قال النووي؟ أو يقول: إن تيسر وإلا فلا؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أسف على ذلك، وندم عليه خشية أن يشق على أمته، فمن تيسر له الدخول من غير مشقة ولا مزاحمة لا شك أن الاقتداء به -عليه الصلاة والسلام- مطلوب في الجملة في مثل هذا الموطن الذي هو مجردُ فعلٍ منه -عليه الصلاة والسلام-، ولولا أنه أسف وتأسف -عليه الصلاة والسلام- وندم على ذلك لقيل باستحبابه مطلقاً؛ لأنه مما يتعلق بتعظيم شعائر الله، تعظيم البيت والصلاة فيه وهذا مطلوب، لكن أسفه -عليه الصلاة والسلام- يدل على أنه حسب التيسير، إن تيسر وإلا فلا، وإن شق ذلك على أحد فلا يقال: باستحبابه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015