وحدثنا يحيى بن يحيى، ومحمد بن رمح قالا: أخبرنا الليث ح وحدثنا قتيبة، قال حدثنا ليث عن نافع أن عبد الله قال: حلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحلق طائفة من أصحابه وقصر بعضهم، قال عبد الله: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((رحم الله المحلقين)) مرة أو مرتين، ثم قال: ((والمقصرين)): يعني دعا للمحلقين مراراً، ثم قال: ((والمقصرين))، فيه دليلٌ على أن الحلق أفضل من التقصير، وهل هذا يوم الحديبية أو في حجة الوداع؟

خلاف بين أهل العلم، لكن لا يمنع أن يكون في الموضعين؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- لما أمرهم بالحلق في الحديبية ترددوا، فشكا ذلك إلى أم المؤمنين فقالت: احلق رأسك ثم يمتثلون؛ لأنهم ترددوا رجاء أن يحقق الله لهم دخول مكة ولا يرجعون بدون عمرة، وهذا يشق عليهم أنهم جاؤوا لأمر وصدوا عنه، أمر يرجون ثوابه عند الله -جل وعلا- ثم يصدون عنه، وخفي عليهم الحكمة العظيمة المترتبة على هذا الصلح العظيم الذي هو الفتح الحقيقي، ونزلت فيه سورة الفتح، فمن حرصهم على الخير ترددوا، لا عصياناً منهم له -عليه الصلاة والسلام-، لكنه لما حلق عرفوا أن المسألة منتهية مفروغٌ منها، كادوا أن يقتتلوا، وحينئذٍ دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- للمحلقين، وأيضاً كما سيأتي في حديث أم الحصين، وأنها شهدت مع النبي -عليه الصلاة والسلام- حجة الوداع، وأنه دعا للمحلقين ثلاثاً ثم قال: ((والمقصرين))، وكل هذا يدل على أن الحلق أفضل بالنسبة للرجال؛ لأنه أبلغ في العبادة فهو أفضل اتفاقاً، أفضل اتفاقاً؛ لأنه أبلغ في العبادة، والتقصير يحصل به إسقاط الواجب، وقد دُعي لهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015